الحديث عن الاستثمارات الأجنبية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يبعث على الخوف والقلق في آن معاً، ذلك لأن أحدث تقارير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة كشف عن أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي الأقل من ناحية جذب الاستثمارات في العالم، وهو ما يعود بالأساس إلى حالة عدم الاستقرار السياسي التي تسود المنطقة، وهو ما نراه في العراق وفلسطين. الغريب أن هذه المنطقة تتمتع بثروات طبيعية وبشرية هائلة مقارنة بمناطق أخرى كجنوب شرق آسيا أو أميركا اللاتينية، لكن يبدو أن هذه المنطقة لا تزال ساحة للصراعات الدولية المعلنة والخفية وجميع القوى الكبرى تسعى إلى لعب دور بشكل أو بآخر في هذه المنطقة، والنتيجة الدخول في صراعات لا تخدم بالأساس شعوب المنطقة بقدر ما تحقق مصالح القوى الكبرى. وثمة تساؤلات تفرض نفسها: إلى متى ستبقى منطقة الشرق الأوسط بقعة ساخنة في العالم؟ ومتى ستنعم شعوب هذه المنطقة بالرخاء والاستقرار؟ ومتى تستطيع دول المنطقة تغليب مصالحها على مصالح القوى الكبرى؟ لكن من غير المعقول أن نفسر هروب الاستثمارات الخارجية من المنطقة وتعثر خطى التنمية في دولها بالعوامل الخارجية فقط، ذلك لأن هناك عوامل داخلية تخص دول المنطقة تلعب دوراً محورياً في عرقلة التنمية وتشجيع الاستثمارات. على سبيل المثال غياب الشفافية في اتخاذ القرار الاقتصادية، وضعف المشاركة الشعبية في اتخاذ هذه القرارات، وضعف البناء المؤسسي وتدخل الدول في الشؤون الاقتصادية بدرجة مبالغ فيها، كل هذا جعل المنطقة لا تتمتع بخصائص تغري المستثمر الأجنبي، الذي بات يفضل بلدان شرق آسيا والصين وربما أوروبا والولايات المتحدة.
وقبل أن تنتظر دول المنطقة حل القضية الفلسطينية واستقرار الأمور في العراق ونهاية التوتر في السودان يجب ألا تضيع دول المنطقة وقتاً في إعادة هيكلة مؤسساتها الاقتصادية أو الإسراع في عمليات الخصخصة وتشجيع القطاع الخاص، وضمن هذا الإطار بدأت بعض دول المنطقة في تفعيل دور القطاع الخاص وتشجيعه على المشاركة الإيجابية خاصة في مجال توفير فرص العمل وإنعاش القطاعات الراكدة في الاقتصاد.
مؤمن عبد الغني - عجمان