في البداية أود أن أهنئك بالفوز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي من خلالها أصبحت رئيساً لولاية ثانية، وحصلت على ثقة الأميركيين ودعمهم لحربك ضد الارهاب في كل دول العالم. وها هو الجنرال جون ساتلر قائد قوات المشاة البحرية أطل علينا من خلف شاشات التلفاز ببيان عسكري أعلن فيه أن العمليات في الفلوجة قد انتهت بنجاح مذهل، وقد تمت السيطرة على المدينة التي لم تعد ملاذاً آمنا للارهابيين، وأن ظهر التمرد قد قُصم، وأفواج "المُحررين" قد سيطرت على معقل "الإرهابي" أبو مصعب الزرقاوي الذي يُعتقد أنه تمكن من الفرار، وصادرت كل ما فيه من وثائق وأسلحة. لكن عمليات التمشيط والبحث عن فلول "المتمردين" تحتاج إلى عدة أيام، وأن خسائر الشعب العراقي لم تتجاوز 1200 قتيل عراقي، بالمقابل فقد كانت خسائر القوات الأميركية نحو 50 جندياً ماتوا دفاعاً عن "حرية العراق".
أما المتحدث باسم وزارة الخارجية، فرصد جائزة مقدارها خمسة ملايين دولار أميركي لكل من يساعد في القبض على "أبو مصعب السوري" المعروف باسم "مصطفى ست مريم نصار" أحد القادة "المتمردين" الكبار المسؤول عن تدريب عدد كبير من "الارهابيين" في مجال السموم والمواد الكيماوية"، ويعتقد أنه يعمل شريكاً للإرهابي المُطارَد " أبو مصعب الزرقاوي" الذي تمكن من الفرار بعد سيطرة القوات الأميركية على مدينة الفلوجة.
وأذكرك يا سيادة الرئيس بان أجدادي العرب قديماً كانوا يرددون مثلا يقول:"إنْ لم تستح فافعل ما شئت"، ويبدو أن هذا المثل ينطبق بصورة واضحة على ما يجري في العراق، الخاضع لسيطرة جنودك الذين نفذوا منذ أيام عملية "شبح الليل" أو "الفجر"، أو ما شئت من أسماء أخرى في مدينة الفلوجة، لقصم ظهر ما تسميهم بـ"المتمردين العراقيين". وكما يبدو لي يا سيادة الرئيس، فإن اداراتكم لم تجد الوقت الكافي لتعلم جنودها أصول القوانين العسكرية التي تنص على حماية المدنيين أثناء الحرب بسبب مشاغلها السياسية وضغوط الحروب المتتالية عليها، والتي وفقها تصرف أحد جنودها وغيره الكثيرون في العراق، والذي لم تستطع كل اتفاقيات حقوق الانسان العالمية واتفاقية لاهاي لحماية المدنيين العزل أثناء الحرب على اخفاء وحشيته أو طمسها. ولعلك تفهم قصدي، فقد قام أحد جنودك "البواسل" بمداواة آهات جريح عراقي ينزف دماً بعدة رصاصات أطلقها ضاحكاً مخاطبا رفيقه " الآن لن يتظاهر بالنوم، لأنه سينام إلى الأبد"، فها هم جنودك البواسل سيدي في ساحة الوغى.
سيدي الرئيس: حقيقة لم نعد نفهم كيف لنا أن نميز بين "أبي مصعب الأول" وأبي مصعب الثاني" وآخر لم نعرفه بعد، وبين جنودك البواسل أصحاب "عملية التحرير"، إذا كانوا جميعا يتشاركون في لعبة الدم أو حرب ضد شعب تحرر من نار الديكتاتورية لينتقل إلى جهنم حرب "القضاء على الارهاب"، والتي بسببها يقتل منه يومياً عشرات الأبرياء وتهمتهم الوحيدة أنهم صدقوا "كذبه التحرير" التي تردد يوميا على مسامعه. وأخيرا، لك الحق سيدي الرئيس أن تنتقل بنا من اسم لآخر، ولكن ليس لك الحق بأن تقتلنا بسبب هذه الأسماء. ولك سيدي كل الاحترام والتقدير.
غسان عبد الله خروب-أبوظبي