الأوروبيون يشعرون اليوم بأن التواجد الأميركي في المنطقة قد تجاوز مناطق نفوذهم، خصوصاً بعد سقوط العراق ورفض إدارة الرئيس الأميركي بوش إشراك الأوروبيين في القضايا الخاصة في العراق، حيث إن هناك خلافا واضحا بين الطرفين حول طبيعة المشاركة. الأوروبيون يفضلون أن تكون المشاركة عن طريق المنظمة الدولية بينما يرى الأميركيون عكس ذلك.
الاتحاد الأوروبي يحاول اليوم خلق حوار جاد مع دول مجلس التعاون على المستويين الرسمي وغير الرسمي، لذلك يولون اليوم أهمية خاصة للحوار الأوروبي-الخليجي حول العديد من القضايا، لكن أهمها بلا شك أمن الخليج خصوصاً بعد الاحتلال الأميركي للعراق. لماذا يهتم الأوروبيون بأمن الخليج؟ الجواب بكل بساطة هو شعورهم بأن قضية مصالحهم الحيوية في الخليج يجب ألا تترك كلها بيد الولايات المتحدة، لهذا السبب اهتم الأوروبيون بالحوار الخليجي-الأوروبي لإيجاد أرضية مشتركة بين الطرفين تحمي مصالحهم. ولهذا الغرض عقدت في مدينة دبي بدولة الإمارات ندوة تحت عنوان "قضايا الأمن في الخليج بعد التغييرات في العراق" تحت رعاية أحد المراكز الخليجية من 23-25 نوفمبر الحالي. الأوراق الأولية كتبها أكاديميون من الخليج تتعلق بالقضايا الأمنية التي تواجه المنطقة بعد تحرير العراق وما هي طبيعة هذه المشاكل؟ وكيف يمكن حلها؟ أو علاجها؟ وهل هنالك دور للاتحاد الأوروبي في مساعدة دول الخليج لتخطي هذه المشاكل؟!
ما تم ذكره هي المشاكل الداخلية التي تواجه دول المنطقة اليوم، والتي يرى الجميع بأن حلها سيكون سهلاً لو تم تحقيق الديمقراطية في المنطقة، وتم خلق حوار وطني هادئ حول المشاكل المطروحة وكيفية حلها. وهنا دار حوار مطول في كيفية تحقيق المشاركة السياسية والحوار المتعدد الأطراف في وجود أيديولوجيات سياسية يعتقد أصحابها بأن الحقيقة دائماً معهم، وأن الخالق سبحانه وتعالى يقف معهم ضد الآخرين. أكد الأوروبيون بأن مثل هذه القضايا يتم حلها بتكثيف الحوار وليس بإغلاق الأبواب أو استعمال العنف و"الإرهاب" لتحقيق الهدف.
الخليجيون والأوروبيون في المؤتمر طرحوا بأن هنالك تهديدات أخرى ذات أبعاد خارجية تلعب دوراً مهماً في عدم تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة، ومن هذه القوى الخارجية بعض الفئات المتطرفة في إيران التي يريد أصحابها تصدير مفاهيم الثورة الإسلامية إلى الدول المجاورة خصوصاً العراق، حيث دخلت بعض القوى السياسية الإيرانية ممثلة في الاستخبارات والأحزاب الدينية المتطرفة على الخط في العراق واستغلت حالة الفوضى وعدم الاستقرار في العراق لتخلق قوى سياسية متطرفة بين شيعة العراق الموالين لإيران. إيران تحاول تحقيق مصالحها ومد نفوذها في المنطقة عن طريق العراق خصوصاً في الجنوب، وهذا أمر قد نتفهمه ونقبله لو كانت الأمور في العراق مستقرة، لكن أن يتدخل الإيرانيون في العراق اليوم ويسعون لإثارة النعرة الطائفية في العراق وخلق فتنة بين السنة والشيعة في العراق، فهذا أمر خطير يهدد العراق ودول المنطقة كلها.
دول الخليج كذلك متخوفة من انفلات الأمور الأمنية في العراق بحيث تتأزم الأمور لدرجة نشوب حرب أهلية. وهذا حتما سوف يؤثر على أمن واستقرار دول المنطقة.
الأوروبيون يرون أن على دول الخليج توسيع مفهوم الأمن بحيث يشمل العراق وإيران واليمن. الخليجيون أوضحوا بأن الولايات المتحدة لا تريد إشراك إيران، وإيران من طرفها لا تريد التواجد الأميركي في المنطقة، فكيف يمكن تحقيق الأمن بمفهومه الواسع؟ في الأشهر القادمة سيكون هنالك حوار مكثف لحل كل المشاكل الأمنية المعلقة. لكن الجميع يرى أن الأمور تتغير للأفضل وما علينا إلا اللجوء إلى الحوار السلمي لحل المشاكل.