إذا كنا نفتقر إلى قوانين وتشريعات تلزم الملاك بإنشاء مواقف سيارات أسفل البنايات والأبراج الجديدة التي تقام في إمارة أبوظبي، فإن هذا الفراغ التشريعي ـ إن وجد ـ يعتبر مشكلة ملحة تتطلب معالجة فورية، أما إذا كنا نمتلك قواعد لا تطبق أو يتم تجاوزها لسبب أو لآخر فتلك مشكلة أخطر ينبغي التعامل معها بالشدة والصرامة اللازمتين.
الملاحظ أن هناك بنايات وأبراجاً سكنية ضخمة أقيمت في الآونة الأخيرة وتضمن تخطيطها الهندسي "كراجات" تحتية قادرة على استيعاب سيارات قاطني هذه الأبراج، ولكن هذه البنايات لا تكاد تذكر أو تقارن عددياً بالأبراج والبنايات الكثيرة التي نشأت في الفترة الزمنية ذاتها من دون "كراجات". والغريب أن البنايات التي تقام من دون "كراجات" تبدو في حاجة ملحة إلى توفير مواقف سيارات لسكانها المحتملين سواء بالنظر إلى ضخامة حجم هذه البنايات وصعوبة توافر مواقف سيارات عمومية لجميع سكانها، أو لأن هذه البنايات تقام في قلب العاصمة أبوظبي، حيث الازدحام والتكدس، وحيث أصبح الحصول على موقف سيارات خالٍ بمنزلة حلم يراود الكثيرين في معظم الأوقات.
الواضح أن توافر مواقف سيارات داخل البناية يعد ميزة تفضيلية تعزز موقفها التنافسي في سوق العقارات، ولكن الغريب أن المرء لا يستطيع أن يفرق أو يفهم مغزى أو سر وجود "كراج" أسفل بناية ما مقابل خلو أخرى من هذه الميزة، وهل يتم تحديد هذا الأمر من جانب التخطيط الهندسي، أم من قبل مالك البناية أم دائرة البلدية، أم أن هناك عوامل تجارية وتنافسية أخرى تتحكم في هذه المسألة الهندسية التخطيطية البحتة التي تتجاوز تأثيراتها البناية وسكانها، إلى التأثير في مجمل الوضع المروري والتخطيطي بالعاصمة.
المشكلة أن هناك مغريات اقتصادية هائلة تجعل ملاك البنايات ينظرون إلى تخصيص أسفل البنايات كموقف للسيارات باعتباره خسارة اقتصادية وفقداناً لعائد اقتصادي كبير ومضمون فيما لو تم تحويل هذا الجزء إلى معارض ومحلات تجارية، وربما يصبح الأمر أكثر إغراء بالنسبة إلى البنايات الواقعة في قلب العاصمة. وبالتالي يصعب الخروج من هكذا مأزق سوى عبر تشريعات قانونية حازمة وصارمة تلزم مالكي البنايات بإعداد مواقف سيارات أسفلها على اعتبار أن هذا الحل يكاد يكون الوحيد لضمان تفادي مأزق مروري معقد يلوح في الأفق، لا سيما بعد إخفاق مواقف السيارات متعددة الأدوار التي أقيمت في قلب أبوظبي في امتصاص أو تخفيف حدة الزحام سواء بسبب سلوكيات السائقين وتكاسلهم، أو بسبب الارتفاع النسبي لرسوم استخدام هذه المواقف، وربما أيضاً لعدم وجود ردع كافٍ في مواجهة تنامي ظاهرة انتظار السيارات في الأماكن الممنوعة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية