من الواضح أن النظام الدولي الراهن لا يخدم مصالح العرب بأي حال من الأحوال، وذلك لأسباب عدة من بينها: عدم القدرة على قراءة المشهد الدولي الراهن أو بالأحرى الاعتماد على رؤى استراتيجية مجتزأة ومنقوصة، إضافة إلى الحسابات الخاطئة والدخول في لعبة التوازنات الدولية دون حسابات دقيقة للتكلفة والعائد من الناحية الاستراتيجة. الظروف الدولية الراهنة تضع العرب أمام قوى عظمى لديها استراتيجية طويلة الأمد ربما تمتد لخمسين أو لمائة عام في حين يتعامل العرب مع القوة العظمى فرادى دون رؤية أو موقف عربي موحد يضع أطراً عاماً للسياسة العربية تجاه واشنطن. هذا التشرذم في المواقف العربية تجاه الصديق الأميركي يقلل من أوراق الضغط العربية ويرفع من سقف التنازلات العربية وذلك بالطبع على حساب استحقاقات مهمة نراها تتلاشى سواء في القضية الفلسطينية أو في العراق والسودان. الموقف العربي تجاه العراق مثلاً يتسم بدرجة من الضعف لم يسبق لها مثيل، صحيح أن العرب كانوا ضد الحرب، لكن بعد أن وضعت الحرب أوزارها وسقط نظام صدام حسين لم نشهد موقفاً عربياً قويا تجاه الأحداث الجسام التي يشهدها العراقيون منذ سقوط بغداد وإلى الآن، فجميع المواقف العربية يغلب عليها طابع السلبية بمعنى أنها تأتي دائما كرد فعل على السياسات الأميركية تجاه العراق. والأمر نفسه ينطبق على المشهد في دارفور ناهيك غن الوضع المتدهور في الأراضي الفلسطينية التي تشهد الآن صخباً حول الحالة الصحية للرئيس عرفات الرئيس. في ظل هكذا أوضاعاًَ عربية يتعين على القادة العرب بلورة مواقفة قوية ومتماسكة على الأقل لطرحها أمام المسؤولين الأميركيين وللتأكيد على أن تدهور الوضع في العراق وفلسطين سيضر بالمصالح العربية والأميركية في آن معاً.
عماد محمود - دبي