إنها ليست إمارات جديدة ولا هي إمارات مختلفة عن تلك التي كانت قبل أسبوع من الآن بل هي هي إمارات الأسبوع الماضي، والشهر الماضي والعام الماضي والعقد الماضي والقرن الماضي، وكل ما حدث أن الإمارات اليوم وبعد الحدث الجلل الذي أصاب الوطن برحيل قائده ومؤسسه ومعلمه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "رحمه الله وطيب ثراه" أنها فقدت شيئا مهما وغاليا، ولكن الإمارات بقيت هي نفسها الإمارات، ولكن بتجديد ثقة فيها بعد أن اجتازت الاختبار الصعب ها هي الإمارات تظهر من جديد.
يأبى الشيخ زايد "رحمه الله وطيب ثراه" إلا أن يبهرنا ويزيد العالم إبهارا حتى بعد وفاته. فالانتقال السلس والسريع والرائع للسلطة في إمارة أبوظبي أولا ومن ثم في رئاسة دولة الإمارات، دليل آخر على عظمة هذا الرجل الذي لم يكن ليترك أي شيء للصدفة أو للظروف، فكل شيء عند الشيخ زايد "رحمه الله" مرتب وجاهز ويأتي في الوقت المناسب. لقد أدى الانتقال السلس والمتفق عليه للسلطة في الدولة إلى تأكيد الصورة الإيجابية للدولة، كما أدى إلى إسكات كثير من الأصوات التي كانت تشكك في آلية انتقال السلطة والبعض راحت به توقعاته بعيدا جدا عن الواقع عندما اعتقد أن صراعا من نوع ما على السلطة سيظهر بمجرد رحيل الشيخ زايد. وآخرون ممن يعرفون الإمارات من بعيد، كانوا يخافون على اتحاد الإمارات من أن ينحل وينفرط هذا العقد الجميل بمجرد رحيل راعيه الأول ومؤسسه، وهم لا يعرفون أن هذا الرجل أسس بلده على أسس قوية وربى أجيالا ورجالا يقدرون المسؤولية ويحافظون على الإنجاز.
هذه هي الإمارات من جديد، دولة لم تهزها الكوارث والحروب التي دارت حولها على مدى السنوات الطويلة، واليوم وأمام أول اختبار حقيقي للاتحاد ولدولة الإمارات تثبت دولتنا أن كل ما يراه العالم في الإمارات بني على أساس قوي لا يمكن لأي حدث أن يهز هذا البنيان أو يزعزع كيانه، لأن حوله رجالاً يؤمنون به ويسهرون ليل نهار ليكون بنيانا قويا ثابتا في الأرض وناطحا عنان السماء.
في هذه الأيام أتذكر عشرات من الأصدقاء والشخصيات العربية والأجنبية الذين قابلتهم على مدى السنوات الماضية وكانوا يسألونني دائما عن مستقبل الإمارات بعد الشيخ زايد، فكانت إجابتي لهم واضحة وهي أن الأمور "مرتبة" وليس لدينا تخوف أو شك في أن شيئا سيحدث، فكانوا يستغربون من الثقة التي أتكلم بها وكأنني اطلعت على شيء مكتوب أو حضرت اجتماعا معقوداً وهذا ما لم يحدث أبدا. ولا أستبعد أن بعضهم كان يعتقد أنني أحاول أن أجمل الوضع وأبعد الشكوك، ولكنني كنت صادقا وواثقا مما كنت أقوله تماما، كما أنني واثق اليوم أن بلدي بخير، وما كنت أؤمن به حدث بالضبط وهذا ما لا يحتاج إلى جهد من أي إنسان يعرف بلده ويفهم الوضع القائم حوله.
واليوم أقول إن الإمارات بخير بل بألف خير بروح زايد التي تحفنا والذي لا ولن ننساه أبدا، ونحن بألف خير بوجود صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة على رأس الدولة، ونحن بألف خير بوجود الفريق سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي إلى جانب أخيه الشيخ خليفة، فليطمئن العالم ومن يحب الإمارات، وليطمئنوا بأن مكروها لن يصيب الإمارات ما دام هؤلاء الرجال يكملون مسيرة الشيخ زايد ومعهم صاحب السمو الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات وأولياء العهود الكرام وعلى رأسهم الفريق أول سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي وزير الدفاع.
لا شك أن تغييرا سيحدث في الإمارات بل ربما تغييرات كثيرة على المدى القريب والبعيد في الأشخاص والمسؤولين وهذا طبيعي جدا وهي سنة الحياة، ولكن الإمارات ستبقى كما كانت والتغيير الذي سيشهده البلد لن يكون إلا من أجل هدف واحد وهو التأكيد على مواصلة ما بدأه الشيخ زايد "رحمه الله" وإخوانه حكام الإمارات. هؤلاء الرجال الذين اكتسبوا احترام وتقدير كل مواطن من أبناء الإمارات وكل من كان يتابع ما يحدث في الإمارات، فبحكمتهم وثقتهم في الرجل الذي تربى في كنف زايد الخير بل ومعرفتهم الجيدة للشيخ خليفة بن زايد وقدراته القيادية والسياسية والاقتصادية لم يترددوا لحظة في انتخابه رئيسا لدولة الإمارات ليكون خير خلف لخير سلف، فهؤلاء الرجال يستحقون الاحترام والانحناء تقديرا ليس في هذا الموقف فقط وإنما في مواقف كثيرة منذ قيام اتحاد الإمارات وهم مع زايد وبه يحققون الإنجازات.
هذه هي الإمارات اليوم من جديد، فمنذ أسبوع رحل عنا والدنا الكبير الشيخ زايد "رحمه الله" فكانت الصدمة كبيرة والحزن عظيماً جعلنا نتوقف أمام حالنا وما أصابنا، ولكننا اليوم وبعد أسبوع نستعيد توازننا من جديد، ونؤكد للعالم أن هذه هي الإمارات من جديد ونتحدى العالم بما فعله الشيخ زايد، ونؤكد أن سموه نجح ليس فقط في بناء هذا الوطن، بل وفي إيجاد من سيواصل هذا البناء وهذا هو أصعب ما يمكن فعله، ولكنه على رجل مخلص كالشيخ زايد لم يكن صعبا أبدا فأثبت للعالم أنه قائد