"يا أيتها النفس المطمئنة. ارجعي إلى ربك راضية مرضية. فادخلي في عبادي. وادخلي جنتي.".. صدق الله العظيم.
رحل "بوخليفة".. رحل الأب الحنون.. رحل الوالد.. رحل صاحب القلب الكبير.. رحل الإنسان القائد الحكيم.. ترجل الفارس المغوار عن فرسه.. رحل زايد الذي زرع الخير في كل ركن من ربوع الوطن.. رحل عنا "بوخليفة"، فالإمارات يتيمة اليوم، تبكي ابنها البار بالآهات.. بالعبرات.. بالآلام.. ببكاء وأنين ونفس ليس لها من تلجأ إليه إلا الباري عز وجل.. اللهم ارحمنا برحمتك، وأزل عنا غمامة الحزن والأسى..
اليوم ستشرق شمس النهار على أرض الإمارات، وأبناء الإمارات أيتام.. فمن لنا بعدك أيها الراحل إلى جنة الخلد بإذن الله؟.. من لنا بعدك وأنت الذي ارتوينا من نهر حبك؟.. من لنا من بعدك وأنت الذي زرعت في خلايا أرواحنا محبتك وعشق الحياة؟.. من لنا ونحن نعيش بعدك في ظلام دامس؟.. فلا أب ولا أخ ولا والد ولا وطن.. لقد كنت أنت الوطن وأنت الأرض والسماء والماء والشجر..
توقفت الحياة، انطفأت شمعتها، وغاب القمر عن ليلنا، ليسود الحزن والأسى.. فقد رحل عنا الرجل الذي لم تكن الدنيا عنده سوى دار يبني فيها الخير في كل ركن وزاوية.. ولم تكن الدنيا عنده سوى دار لنشر الخير، فامتدت أياديه البيضاء لتشمل القاصي والداني..
"آه بوخليفة".. كم نحن ضعفاء بدونك، كم نحن نشتاق لسماع همسك وصوتك ونفحات حنينك.. كم نحن نحمل قلوباً تقتلها الغصة ونفوساً يحيط بها الأنين.. فاجعتنا فيك بحجم هذا الكون يا "أبا خليفة"..
"آه بوخليفة".. يا أيها الصوت الآتي صوب الروح.. فقداننا لك ليس كفقدان البشر لأي عزيز.. وإنما هو فقدان لطعم الحياة، ولون الوطن ودفء الأرض وجمال النور في ليلة حالكة الظلام.. فقدناك يا "بوخليفة" والوجع هو ذات الوجع، والألم هو ذات الألم، والبكاء هو ذات البكاء، بقامتك وعظمتك وحضورك وبالإنجازات العظيمة التي تؤكد أن العظماء باقون وأن صناعة الرجال هي فعل راسخ كالطود العظيم.. كما الشمس.. لقد كنت وستبقى يا "بوخليفة" شمساً تشرق في مدانا وفي أفق الوطن كل يوم وكل لحظة لتهرب العتمة وليستقر النور في ربوع نفوسنا..