كان واضحا التكتيك الذي أراد إرهابي تنظيم القاعدة "أسامة بن لادن" أن يتبعه وهو يبث شريط الفيديو عبر بعض الفضائيات التي أصبحت تستسهل الترويج للإرهاب ومن يقف وراءه. فقد كان من بين أهم الأهداف هو التأثير سلبا على موقف الرئيس الأميركي جورج بوش في الانتخابات الرئاسية المزمعة غدا. ولكن ما أن تم بث الشريط الذي يحمل صوت وصورة الإرهابي المذكور وهو يهدد أميركا والعالم، حتى قفزت أسهم بوش سبع نقاط مرة واحدة وذلك في أحدث استطلاع للرأي تم تنظيمه عقب إذاعة الشريط مباشرة!
فقبل يوم من بث هذا الشريط، كانت نتائج استطلاع أجرته وكالة "رويترز" للأنباء و"مركز زغبي"، قد أظهرت تفوق المرشح الديموقراطي السيناتور "جون كيري" على منافسه بوش بنقطة واحدة.. وكانت تلك النتيجة مقلقة للجمهوريين، لأنها ظهرت قبل ثلاثة أيام فقط من الانتخابات الرئاسية. ففي يوم الخميس الماضي كانت نتائج الاستطلاعات تشير إلى تقدم بوش على كيري بواقع نقطتين (48% لبوش مقابل 46% لكيري).. وفي يوم الجمعة كانت النتائج تشير إلى تعادل الاثنين حيث حصل كل منهما على 47% من أصوات الذين استطلعت آراؤهم.. ولكن في مساء يوم السبت، أي عقب إذاعة شريط بن لادن، قفزت شعبية جورج بوش طبقا لاستطلاع للرأي أجرته أيضا "رويترز" و"مركز زغبي" سبع نقاط متفوقا على منافسه.
فقد أجرت المؤسستان استطلاعا عاجلا للرأي للوقوف على تأثير بث شريط رأس الإرهاب "بن لادن" على موقفي المرشحين، فكانت النتائج بعكس ما أراده الفكر الإرهابي.. حيث تقدم بوش على كيري في ست من ولايات الوسط الغربي التي تشكل ثقلا كبيرا في تحديد أصوات "المجمع الانتخابي"، وتستحوذ هذه الولايات التي تقدم فيها بوش على 131 صوتا من أصل 538 صوتا هي جملة الأصوات في "المجمع الانتخابي" الذي يحدد هوية الرئيس القادم إلى البيت الأبيض.. فإذا علمنا أن المرشح الرئاسي بحاجة إلى 270 صوتا من أصل 538 صوتا لضمان الفوز، لأدركنا حجم الهدية التي قدمها رأس الإرهاب "أسامة بن لادن" للرئيس الأميركي جورج بوش.
تنظيم "القاعدة" الإرهابي، شأنه شأن بقية الجماعات التي تنهج سلوك العنف، هي تنظيمات غير منظمة فكريا وأيديولوجيا، ولا تفقه شيئا في أمور السياسة، لذلك فهي قد تقوم بعمل غبي على أمل أن يأتي ثماره، فإذا به ينقلب إلى نتائج معكوسة.. فقادة الإرهاب تناسوا أن أساس الحملة الانتخابية لبوش هو محاربة الإرهاب، وأن ظهور الإرهاب في شكل صوت وصورة "بن لادن" هو كفيل بإضفاء المصداقية على نهج بوش، وبرفع أسهمه بين المواطنين الأميركيين.