في بداية شهر أكتوبر الماضي، وقف أستاذ جامعي أميركي يدرس مادة الإدارة في جامعة "إمبريال فالي كوليدج" (Imperial Valley College) أمام العشرات من الطلاب والطالبات الأميركيين والأجانب ليتفوه بكلمات نابية عن الدين الإسلامي، وليطلق للسانه العنان للإساءة لهذا الدين العظيم داعيا لاستئصال الإسلام والمسلمين جميعا والقضاء عليهم لإنهاء مشكلة الإرهاب!.
المدرس الأميركي كان في مناقشته مع طلابه وطالباته يعبر عن نفسه وعن مرض في داخله وعن حقد دفين وتعصب أعمى وعنصرية مقيتة وبغيضة لا يقبلها أي إنسان لا في داخل الولايات المتحدة الأميركية ولا في الغرب قاطبة. فالإنسان الأميركي غير عنصري بطبعه، بل قد يتأثر البعض بما تبثه وسائل الإعلام الأميركية، وخاصة تلك الخاضعة للوبي الصهيوني وللجالية اليهودية مثل قناة "فوكس" التلفزيونية التي تعبر عن كثير من الحقد والضغينة تجاه العرب والمسلمين.
ولكن مثل هذا الأستاذ الجامعي، وهو عضو في هيئة تدريسية بإحدى الكليات الجامعية المهمة في كاليفورنيا، يساهم بمثل هذا الموقف المشين والمخجل، في إثارة النعرة العنصرية بين المسلمين والغرب، في وقت تحاول فيه دول ومجتمعات وأمم بمؤسساتها وهيئاتها ردع الفجوة في التفاهم، وتسعى إلى التقارب بين الطرفين بعد أن تصدعت العلاقات بين الشرق المسلم والغرب المسيحي بسبب الأعمال الإرهابية التي ارتكبها ويرتكبها تنظيم "القاعدة" الإرهابي، والتي دمر بها صورة الإسلام وأصاب سمعته في مقتل.
نحن لا ننكر أن بيننا من يسلك سلوكا إرهابيا وهو يرتدي عباءة الإسلام، ولكننا في المقابل نتمنى أن يفتح الغرب أعينه جيدا على أولئك الإرهابيين الذين يظهرون في مؤسساته التعليمية والأكاديمية، فيطلقون العنان لعنصريتهم لتؤجج نار الفتنة والحقد والكراهية بين الطرفين. ونحن لا ننكر أن أعمال "بن لادن" وأيمن الظواهري" و"أبومصعب الزرقاوي" المشينة تساهم في تأجيج تلك النيران، ولكننا في المقابل نسعى إلى الوصول للعقلية الغربية لإفهامها بأن هؤلاء لا يمثلون الدين الإسلامي ولا المسلمين ولا الفكر العظيم والمبادئ الحضارية الراقية التي قامت عليها الحضارة الإسلامية الداعية إلى نشر المحبة والسلام والأمن بين الناس أجمعين.
وإذا سكتت المؤسسات التعليمية في الولايات المتحدة الأميركية عن هذا المدرس العنصري الذي أحيا فتنة تكاد نيرانها تنطفئ شيئا فشيئا، فإن القادم سيكون أسوأ بكثير. فمحاربة الإرهاب والفكر المتعصب أمانة لا تقع مسؤولية أدائها على طرف واحد هو الطرف المسلم أو العربي فقط، بل هي مسؤولية مشتركة، يتحمل الغرب قسطا مساويا لما يتحمله الجانب المسلم منها.
ومكافحة مثل هذا الأستاذ العنصري المتطرف، هي جزء من هذه المسؤولية، فهي تندرج تحت بند "محاربة الإرهاب" التي تنادي بها حكومة الولايات المتحدة الأميركية. وللعلم فقط، فإننا نذكر الحكومة الأميركية بأن هذا المدرس قال في قاعة جامعية مفتوحة وعلى رؤوس الأشهاد الجملة التالية: إن "قتل جميع المسلمين هو الأسلوب الوحيد لوضع نهاية للحرب ضد الإرهاب!". فهل يقبل أي أميركي عاقل مثل هذا القول السفيه؟!
ومع الأسف الشديد، فإن إدارة الجامعة أو الكلية، لم تتخذ أي موقف بحق هذا الأستاذ، مع العلم أن الذي اعترض على تلك الأقوال العنصرية المقيتة هو طالب هندوسي، انبرى للدفاع عن الإسلام قائلا للمدرس: " إن غالبية المسلمين هم أناس طيبون" . نتمنى أن نسمع عقوبة رادعة بحق هذا المدرس وأمثاله.