العلاقة بين القطرين الشقيقين سوريا ولبنان علاقة ضاربة في عمق التاريخ بسبب الجوار الجغرافي قبل أن يعرف العالم مفهوم الدولة والحدود، لكن أن يطالب اللبنانيون بخروج الأشقاء السوريين من أرضهم فذلك حقهم، كما لا يمكن النكران عليهم إن رأوا بضرورة اتخاذهم لقراراتهم بأنفسهم، لكن ما ليس من حق أي لبناني هو محاولة مصادرة رأي الآخر بحجة الحث على السير في طريق نيل الحقوق، لأن الدم اللبناني سئم السفك على يد الآخرين، فالبرلمان الذي صوّت لصالح تعديل الدستور من أجل إمكانية التمديد للرئيس أميل لحود بغض النظر عن صواب أو خطأ ذلك القرار، برلمان منتخب لم يطعن أي تكتل سياسي في نتائج انتخابه حتى تكتل قرنة شهوان المتزعم للمعارضة اللهم إلا القليل. وليست هذه المرة الأولى التي يكون فيها البرلمان في واد والشعب في واد، والأمثلة على ذلك كثيرة آخرها تصويت بعض البرلمانات الأوروبية لصالح الحرب على العراق رغم المعارضة الشعبية الواسعة، إلا أنه لم يحاول أحد منهم الطعن في وطنية أعضائه أو النيل من المكتسبات الديمقراطية لبلاده، أو فرش الطريق بالورود للتدخل الأجنبي حتى إن لم يكن بالقصد، وهذا بالضبط أريد الإخوة اللبنانيين أن يدركوه.
من خلال متابعتي للوضع اللبناني لاحظت أنه عندما يطرح سؤال التواجد السوري في لبنان على السياسي يجيبك بأنه لا يريد أحداً يشارك بلده في اتخاذ قراراته، وعندما تسأله للمواطن العادي يقول إنه لا يريد من يشاركه لقمة عيشه، وفي كلتا الحالتين أعجب لأنه في الوقت الذي تتنازل فيه الدول الأوروبية عن جزء من سيادتها الوطنية من أجل السيادة الأوروبية التكاملية، وتفتح حدودها فيما بينها لتتشارك الوسع والضنك، ها نحن ننشد التفرق والتنافر. وقد يتساءل البعض وما دخلي أنا القادم من أقصى المغرب العربي؟ وإجابة على ذلك أقول إنها غيرة على الدولتين الوحيدتين اللتين استطاعتا أن تؤكدا لنا أن الوحدة بين العرب ممكنة، وهذا بالضبط هو ما يزعج الغرب.
بتار ولد محمد المختار - موريتانيا