المتتبع للعلاقة التي تربط الولايات المتحدة الأميركية ببعض الدول الأوروبية مثل فرنسا وألمانيا وروسيا وما يميزها من شد وجذب؛ يتراءى له أن هناك أزمة خانقة بين الطرفين، خاصة ما شهده مجلس الأمن بخصوص الحرب على العراق من مواجهات كانت الغلبة فيها للطرف الأميركي، مما دفعني آنذاك لطرح سؤال مفاده: ماذا بعد؟ أي ماذا سيكون رد الفعل الفرنسي والألماني والروسي؟ وبعد مضي أكثر من سنة ونصف اكتشفت أنه لا يوجد بعد! واتضح لي جلياً أن ما اعتبره البعض أزمة لم يكن في الحقيقة إلا سحابة صيف عابرة، لأن ما يجمع تلك الدول أكثر مما يفرقها خاصة إذا كان الأمر الذي اختلفوا عليه لا يستحق كل تلك الشوشرة نظراً لعدم اهتمام الطرف المعني وهو العرب بالنهاية التي يعتبرها حتمية واتباعه للنهج القديم الجديد، وهو ظنه بأن البعض يمكن أن يخوض عنه حروبه بتبني مواقفه دون أن يكون مضطراً إلى التحدي والعمل، كما هو دائماً سراب الأمل الذي طالما علقنا عليه آمالاً زائفة بأن يكون حزب العمل أفضل من الليكود في إسرائيل والحزب الديمقراطي أحسن برنامجاً انتخابياً من الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة الأميركية والحزب الاشتراكي أقرب إلى توجهنا من الحزب الديغولي في فرنسا أو العكس، فنعبئ الجالية العربية والإسلامية ونقوم بتوجيه الماكينة الإعلامية لمصلحة ذلك الطرف لنفاجأ أو على الأصح لنجد أننا كنا مخطئين في حكمنا كما هي العادة، متجاهلين أن الجالية الموجودة في الداخل تستمد قوتها من دولها الأصلية بالخارج، وأننا لو أردنا مجداً لأنفسنا وأن تتنافس الأحزاب في خطب ودنا كما هو الحال مع اللوبي اليهودي، فلابد لنا من ترك خلافاتنا جانباً وندرك أن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا. فأوروبا تابعة لسياسة أميركا في المنطقة، وآخر برهان على ذلك هو الوفود الأوروبية التي تتوجه إلى طرابلس الغرب بمجرد ما أن أعلنت الولايات المتحدة رضاها عن ليبيا.
ما يربط الدول الأوروبية بأميركا هو المصالح وما دامت تلك المصالح لا تتعارض مع المصلحة الأميركية فلم لا يقومون باستغلالها؟ وكل كلامي هذا ليس حسداً للشعب الأميركي الذي نتمنى له كل خير، بقدر ما هو مجرد تمنيات بأن يراعي ساستهم دمنا المراق في فلسطين والعراق وأن يرحموا ضعفنا لأنه يبدو أننا أمة لا تتعلم من أخطائها.
بتار ولد محمد المختار - موريتانيا