ليس أمام حكومة الدكتور إياد علاوي في العراق أي خيار سوى المضي قدماً في إحكام السيطرة على المدن العراقية كافة وتطهيرها من المظاهر المسلحة ومن الميليشيات غير الشرعية، إذا هي أرادت أن تلتزم بالموعد المحدد في شهر يناير المقبل لتنظيم أول انتخابات حرة ونزيهة يشهدها العراق في تاريخه الحديث· وأمام الدكتور علاوي تجربة تكللت بالنجاح مع ميليشيا مقتدى الصدر التي فشلت في بسط سيطرتها على المدن والعتبات المقدسة من قبل، ثم فشلت مرة ثانية، وأمام إصرار وحزم حكومة علاوي، في عزل مدينة الصدر في بغداد· وإذا أراد علاوي النجاح فإن عليه ألا يتهاون في أمرين هما: مسألة القضاء على التنظيمات الإرهابية التي تلبس رداء الدين وأفرادها من المسلحين الأجانب المرتزقة الذين دخلوا العراق لترويع أهله والمساس بأمنه·· وتفويت الفرصة على الميليشيا المسلحة التي سيكون بمقدورها تخريب أية عملية انتخابية تزمع الحكومة تنظيمها في يناير المقبل· وعلاوي ليس بحاجة لأدلة على أن الميليشيا المسلحة عبارة عن "بازار" ودكاكين من الشعارات الجوفاء التي لا تحمل أي فكر أو منهج أو أيديولوجيا أو مضمون أو حتى تنظيم مسيس·· فها هي الميليشيا التي رفعت شعارات "الصمود" و"المقاومة" و"الكرامة"، وافقت في لحظة من الزمن على بيع سلاحها بثمن بخس، ورضيت أن تبادل قطعة السلاح بالدولار الذي سال له لعاب الكثيرين من حملة السلاح بطرق غير شرعية في العراق· أضف إلى ذلك أن الإرهاب الذي كان يروع بعض المدن العراقية وأهاليها ومنها مدينة الفلوجة، بدأ يتساقط ويتهاوى أمام الضربات الموجعة التي أكلها ليس فقط من القوات العراقية والأميركية، بل من أهالي تلك المدن أيضا·
وإذا كان نجاح حكومة علاوي في تنظيم الانتخابات في يناير مرهونا بالقضاء على المرتزقة والجماعات الإرهابية وبنزع سلاح الميليشيا، فإن مصداقية هذه الحكومة بأكملها مرتبطة بإجراء الانتخابات في موعدها المقرر طبقا لقرار دولي في يناير عام 2005· ومن هنا فإن أي تهاون أو تخاذل أو تراجع في موقف حكومة علاوي، يعني تراجعا أمام الإرهاب ويعني استسلاما للإرهابيين ويعني الانصياع لشروطهم، ويعني المزيد من الفلتان الأمني والفوضى التي لا نهاية لها·
سوف يتنفس العراقيون نسائم الحرية الحقيقية مع قيام أول مواطن عراقي بوضع بطاقة الترشيح في أول صندوق من صناديق الاقتراع إيذانا ببدء عهد جديد من الديموقراطية التي طال غيابها عن بلد هو من أعرق البلدان حضارة وتاريخاً·