حملت الأيام القليلة الماضية تطورات جديدة على الصعيد الداخلي الفلسطيني، وهي تطورات لم تحظ بأية تغطية إعلامية تذكر رغم مدلولاتها الخطيرة التي تعكس نتيجة واحدة مفادها أن السلطة الفلسطينية تمر بمأزق حقيقي. هذه التطورات جرت خلال يومي 18 و19 أكتوبر2004 والتي يبدو أنها مرشحة للتصاعد والاستمرار تلخصت في: استقالة علي الجرباوي أمين سر لجنة الانتخابات المركزية بعد عمل استمر سنتين وفي أوج العملية التسجيلية وسط أنباء شبه مؤكدة أن الاستقالة جاءت احتجاجاً على الضغوط الكبيرة التي تعرض لها الجرباوي لتأجيل المرحلة الأولى من الانتخابات "الرباعية على مدار عام" والتي من المفترض أن تبدأ يوم 9-12-2004 وبسبب حالة الإحباط من عملية التسجيل نفسها. الجدير بالذكر أن عمار الدويك عيّن قائما بأعمال اللجنة وبشكل مؤقت!
أيضا قدم أحد مستشاري الرئيس عرفات استقالته من مجلس إدارة أحد الصناديق ليفر من تهمة جمع الأموال من قوت وعرق أبناء الشعب الفلسطيني دون رقيب أو حسيب.
قريع بدوره وفي محاولة لتجاوز أزمته مع المجلس التشريعي طالب رئيس المجلس بمهلة إضافية لمدة أسبوعين (ابتداء من يوم 20/10/2004 موعد الجلسة المقررة) لإعداد تقريره حول أداء حكومته خلال الفترة الماضية. قريع الذي لم يتمكن من تقديم هذا التقرير على مدار عام كامل، يبدو الآن جاهزا لإعداد تقرير على عجالة خلال أسبوعين لتجاوز حجب الثقة المزعوم!
حتى لا نظلم قريع ونتهمه بـ"اللاإنجاز" أصدر أمرا بإنشاء جهاز أمني جديد مهمته حراسة الوزارات الفلسطينية وصياغة تقييمات مستقلة للوضع أمني والسياسي. والجهاز الذي يسمّى مؤقتاً "جهاز أمن المعلومات في ديوان رئيس الوزراء"، بدأ العمل في شهر أغسطس وبقيادة أمين الجعبري القائد السابق في شرطة القدس، علما بأن حكومة أحمد قريع لم تتوقف يوماً عن وعودها بدمج الأجهزة الأمنية والحد منها ومن نفقاتها.
أما الرئيس عرفات فقد قرر فتح تحقيق بفساد "سفارات أوسلو" بالخارج وطلب من فاروق القدومي الاضطلاع بهذه المهمة وتشكيل "لجنة تقصي الحقائق حول وجود ممارسات فساد مالي وسياسي مفترضة على مستوى بعض السفارات الفلسطينية في عدد من العواصم العربية والغربية". وبدوره كلف القدومي كلا من جمعة الناجي السفير بالدائرة السياسية، وأحمد جرار مدير مكتب الرئيس عرفات بغزة بالتوجه إلى أوروبا للتحقيق مع السفراء. أما كبار الفاسدين المتربعين في مناصبهم ومنهم وزراء وردت أسماؤهم في تقارير المجلس التشريعي فلا حرج في التغاضي عنهم لأن دورهم النضالي، من وجهة نظر البعض، أهم وأعظم!.
د. إبراهيم حمامي- لندن