مهدت إدارة الأغذية والأدوية الأميركية الطريق أمام شركة في فلوريدا بهدف تسويق الرقائق المزروعة تحت الجلد والتي يمكن أن توفر سهولة الدخول إلى الملفات الطبية الشخصية. وبات من المتوقع لهذه المصادقة التي أعلنت عنها الشركة في الأسبوع الماضي أن تثير الاهتمام الشعبي المكثف بالإضافة إلى احتدام الجدل مجدداً بشأن التكنولوجيا التي ظلت تزيد من عصبية المدافعين عن الخصوصية وتشعل المخاوف من سهولة انتشار تتبع آثار الأشخاص عبر زرع رقاقة تعمل بذبذبات الراديو على الرغم من عدم اكتمال تطوير هذه المقدرات. ولكن شركة "ابلايد ديجيتال سوليوشنز" التي تتخذ من "ديلراي بيتش" في ولاية فلوريدا حتى الآن مقراً لها ذكرت أن اختراعها الذي أطلقت عليه اسم "فيري شيبز" بإمكانه أن ينقذ الأرواح ويقلل كثيراً من عدد الإصابات الناجمة عن أخطاء في المعالجة الطبية. وقد أعربت عن أملها في أن مثل هذه الاستخدامات الطبية ستؤدي للإسراع بقبول تطبيق رقائق بطاقات الهوية المزروعة تحت الجلد كجهاز أمني يساعد على الرقابة والتتبع. وعلق سكوت سيلفرمان رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركة "ابلايد ديجيتال" قائلاً إن هذه الموافقة من شأنها أن تساعد الشركة على تجاوز "عامل البطء" الذي أحاط بتطبيق هذه الرقائق والشكوك التي أثارتها. ومضى يقول "نعتقد أن هناك عدداً قليلا فقط من الأشخاص ما زالوا يقاومون هذه التكنولوجيا حالياً". على أنه ما زال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الرقائق المغروسة والخاصة بالهوية ستتمكن من تجاوز معارضة أولئك الذين تساورهم المخاوف من ظهور موجات جديدة من المراقبة الشخصية.
وتعتمد فكرة الشركة على أن المرضى المزودين بهذه الرقائق سيمكنهم تلقي المزيد من الرعاية الصحية الفعالة لأن الأطباء وأفراد أطقم غرف الطوارئ بالإضافة إلى فرق الإسعاف جميعهم يحملون أجهزة مسح بالراديو تمكنهم في الحال من قراءة عدد يحتوي على 16 رقماً على الرقاقة. وعلى الرغم من أن الرقاقة نفسها لا تحتوي على أية سجلات طبية ولكن وبمساعدة هذه الأرقام يمكن للطبيب أو مساعديه استعادة وقراءة جميع المعلومات الطبية الخاصة بفصيلة الدم وتاريخ تناول المريض للعقاقير بالإضافة إلى أية بيانات حيوية أخرى مخزنة في الكمبيوتر.
رقائق ذبذبات الراديو الصغيرة الحجم والخاصة بتحديد الهوية والشبيهة برقائق "فيري شيب" يتم زرعها بالملايين في أجسام المواشي والحيوانات الأليفة في السنوات الأخيرة كأداة أكثر أمناً من الرقائق الخارجية لتحديد الهوية. ولكن "فيري شيب" هي الوحيدة التي استطاعت الترويج لأول سوق خاص بالرقائق القابلة للزرع في الأجساد البشرية حيث لا يزيد حجم الرقاقة عن حجم حبة الأرز ويمكن إدخالها تحت جلد الذراع أو اليد بواسطة حقنة.
وإلى ذلك فقد تمكن موزعو الشركة في الخارج من تحقيق شهرة عالية برغم محدودية النجاح. ففي هذا الصيف أعلن رفائيل ماسيدو دي لاكونشا المدعي العام في المكسيك أنه مع مجموعة من موظفيه قد تسلموا رقائق يمكن زرعها وتعمل على السيطرة على إمكانية الدخول إلى غرفة أمنية تحتوي على وثائق تعتبر بالغة الحيوية في صراع دولة المكسيك مع عصابات المخدرات. وقد ذكرت شركة "سوليوسات" الموزعة الوحيدة لرقائق "فيري شيب" في المكسيك أيضاً بأن حوالي ألف شخص قد زرعت لهم رقائق من أجل ربطهم بملفاتهم الطبية. وفي مارس الماضي بدأ نادي "باجا بيتش" في برشلونة في توفير وتقديم رقائق "فيري شيب" لأعضاء النادي الذين أصبحوا يرغبون في التخلص من بطاقات الهوية التقليدية والبطاقات الائتمانية. ووفقاً للمتحدث الرسمي باسم النادي فهنالك حوالى 50 من كبار الشخصيات استلموا هذه الرقائق حتى الآن وهي تسمح لهم بربط هوياتهم بنظام خاص بالدفع. وقد تم توسيع مظلة هذا البرنامج لكي تشمل فرع النادي في روتردام بهولندا أيضاً وهنالك حوالى 35 شخصاً وافقوا على عملية الزرع حتى الآن.
وفي الأسبوع الماضي أعلنت" فيري شيب" أنها قد أبرمت اتفاقية للتوزيع مع شركة بريطانية تدعى "سيرج آتي سوليوشنز"، والتي أعربت عن رغبتها في استخدام هذه التكنولوجيا من أجل السيطرة ومراقبة عملية الدخول إلى المرافق الحكومية. وكذلك فإن انتونيا جورجيو أنتونوشي الطبيبة الايطالية تجري الآن دراسة تستخدم فيها رقائق "فيري شيب" في المعهد الوطني للأمراض المعدية في روما. وتقول الطبيبة أنتونوشي "نرغب في معرفة رأي الأطباء في مدى فاعلية هذه التكنولوجيا من الناحية العلمية". ويذكر أن شركة "ابلايد ديجيتال" كانت حرة في بيع رقائق "فيري شيب" في داخل الأراضي الأميركية لأغراض غير طبية، ولكن عدم القبول الواسع بالتكنولوجيا جعل من موافقة إدارة الأغذية الطبية أولوية عليا. وكما يقول السيد سيلفرمان "كنت ولا أزال أعتقد بأن التطبيقات الطبية هي الأفضل على أن تتلوها التطبيقات الأمنية والمالية".
ويميل أصحاب نظرية المؤامرة في بعض الأحيان إلى تضمين وربط التكنولوجيا بإمكانيات لم تظهر بعد على أرض الواقع مثل إمكانية تتبع الأفراد بواسطة الأقمار