قبل سقوط نظام صدام حسين كانت حقوق الإنسان مصادرة في العراق، وإذا انتقد أحد من عامة الشعب السلطة أو الرئيس أو تعرض لهما يهدر دمه أو يختفي أو يكون مصيره السجن، وهذا هو النظام الديكتاتوري الذي أنهى نفسه بنفسه لأنه وقف ضد مصالح شعبه، لأن آخر ما كان يعنيه هو السماح لحرية التعبير وإرساء الديمقراطية والقيم الإنسانية. لكن ثمة تساؤلات تطرح نفسها هي: هل تحقق شيء بعد انهيار النظام الصدامي البعثي في العراق على مستوى تحقيق حرية التعبير؟ وهل سادت الديمقراطية؟ وإذا كان الجواب أنه لم يحن الأوان بعد، وعملية الانتقال من الديكتاتورية إلى الديمقراطية عملية تحتاج إلى الوقت- ولتفترض أن هذا صحيحاً- فإننا لحد الآن لم نرَ شيئاً من هذا القبيل على أرض الواقع، فالشعب العراقي يعيش معاناة أين منها ديكتاتورية صدام، فإما أن يكون هذا ضمن المخطط الموضوع لتدمير كل ما يمت إلى حضارة العراق، وتحويله إلى صحراء قاحلة، الشعب فيها يتفرج على ثرواته النفطية التي تتقاسمها الشركات وهو يتلقى فضلاتها، أو إنها ديكتاتورية جديدة مقنعة برؤوس عربية و بلباس أميركي. لكن ثمة سؤالا يطرح نفسه على ضوء ما يحدث في العراق بعد سقوط صدام: هل وصل الدم العربي إلى هذا المستوى من الرخص بحيث أصبح سعر البترول الخام ينمو صعوداً بينما الدم العربي ينحدر أمامه؟. وإذا بالشعب العراقي يدفع الثمن مرتين مرة في عهد صدام ومرة على عهد من يطرحون أنفسهم بديلاً له. ولا يحق لكائن من كان أن ينقل الشعب العراقي الطيب من نير الظلم والديكتاتورية وسطوة صدام إلى محرقة من أجل بتروله حيث لم يعد هناك من يكترث أو حتى يساوي ما بين الدم العراقي والبترول العراقي. أهكذا تتحول ثروات دول العالم الثالث وخصوصاً الشعوب العربية منها إلى لعنة يقبض الآخرون ثمنها وتدفع الشعوب من أجلها دمها؟.
شوقي أبو عياش - لبناني - مقيم في غينيــا