يتبنى كل من الرئيس جورج بوش والسيناتور جون كيري آراء مختلفة غاية الاختلاف بشأن الإرهاب. وهذه الآراء يجب مناقشتها في سياق الحملة الانتخابية الحالية، بشرط أن يتم التركيز في تلك المناقشة على الحقائق، وليس على تشويه التاريخ.
ففي أكثر من مناسبة، أشار السيناتور كيري إلى القتال الذي دار في منطقة "تورا بورا" في أواخر عام 2001 على أنه كان بمثابة (فرصة ضائعة على أميركا).
وقد زعم السيناتور كيري في معرض إثبات صحة مقولته، أن القوات الأميركية قد قامت بمحاصرة أسامة بن لادن في تلك المنطقة، ولكنها سمحت له مع ذلك بالفرار.. فكيف حدث هذا الأمر؟. يزعم السيناتور كيري أننا قد قمنا بتكليف أمراء الحرب الأفغان بأداء هذه المهمة بالنيابة عنا، ولكنني بصفتي كقائد للقوات المتحالفة في الشرق الأوسط في ذلك الوقت، والمسؤول بالتالي عن العمليات في منطقة "تورا بورا" الجبلية، أستطيع أن أؤكد لكم أن فهم السيناتور للأحداث لا يتفق مع الواقع.
أولا- إذا ما أخذنا ادعاء السيد كيري بأنه (كانت لدينا فرصة للقبض على أسامة بن لادن، أو قتله)، أو ادعاءه بأننا قد (قمنا بمحاصرته).. فإنني أقول لكم إننا لا نعرف حتى اليوم، ما إذا كان السيد بن لادن كان موجوداً في تورا بورا في ذلك الوقت أم لا. بعض المصادر الاستخباراتية تقول إنه كان هناك في ذلك الوقت، في حين أشارت مصادر أخرى إلى أنه كان في باكستان. لقد كانت منطقة تورا بورا في ذلك الوقت تعج بعملاء نظام طالبان وتنظيم القاعدة الذين تم قتل أو أسر الكثير منهم ولم يكن بمقدور أحد أن يعرف ما إذا كان بن لادن كان بينهم أم لا.
ثانيا- إننا لم نقم بتكليف أحد بأداء المهمة نيابة عنا. لقد اعتمدنا على الأفغان اعتماداً كبيراً لأنهم يعرفون تورا بورا، وهي منطقة جبلية وعرة تقع على الحدود بين أفغانستان وباكستان، أفضل منا، علاوة على أن تلك المنطقة تحديداً كانت هي المنطقة التي اختبأ بها المجاهدون الأفغان لسنوات أثناء مقاومتهم للغزو السوفيتي. ولذلك فإن الأفغان كانوا خير من يمكن أن يقوم بمهمة قتل وأسر مقاتلي القاعدة، لأنهم كانوا يعرفون كهوف وسراديب تلك المنطقة تمام المعرفة.
ثالثا- لا يعني ما سبق أننا قد تركنا الأفغان كي يقوموا بالمهمة بمفردهم، حيث شاركتهم قوات خاصة أميركية وبريطانية وقوات تنتمي إلى دول أخرى. وقامت هذه القوات، بتوفير القيادة التكتيكية، واستدعاء الطائرات الحربية- عند اللزوم- لتنفيذ الضربات الجوية. ليس هذا فحسب بل إن القوات الباكستانية أيضاً قدمت مساعدات مهمة حيث قام قرابة 100 ألف جندي باكستاني، بإغلاق منطقة الحدود، ومحاصرة المئات من مقاتلي القاعدة وطالبان.
وأود أن أضيف إلى ما سبق قولي أن الرئيس بوش (لم يغفل لحظة واحدة عن هدفه)، الذي هو أسامة بن لادن- على العكس تماماً مما يقوله السيد كيري.
يجب أن نعرف أن الحرب على الإرهاب هي حرب تشمل العالم بأكمله، وإننا لا يمكن بالتالي أن نقوم بتقسيم تلك الحرب إلى حربين منفصلتين واحدة في أفغانستان والأخرى في العراق. فالحرب في الدولتين هي جزء من نفس المجهود العام الهادف لأسر وقتل الإرهابيين، قبل أن يقوموا بضرب أميركا مرة أخرى ربما باستخدام أسلحة الدمار الشامل. ونظراً لأن الخلايا الإرهابية تعمل في 60 دولة من دول العالم، فإن الولايات المتحدة تقوم بالتالي بالتنسيق مع عشرات الدول الحليفة، وتشن تلك الحرب على العديد من الجبهات.
وهكذا فإنه في الوقت الذي قمنا فيه بالتخطيط للعمل العسكري في العراق، وأجرينا فيه عمليات مضادة للإرهاب في عدة دول أخرى في المنطقة، فإن أفغانستان ظلت هي محور التركيز بالنسبة للقوات الأميركية.
لذلك فإننا لم نقم بتحويل الاهتمام أو القوة البشرية من أفغانستان إلى العراق كما يدعي السيد كيري. والدليل على صحة ما أقول أنه عندما بدأنا عملية "حرية العراق" كان لدينا 9500 جندي في أفغانستان، وعندما انتهينا من أعمال القتال الرئيسية في العراق، كان عدد هذه القوات قد أصبح 10000 جندي أي أن عددها لم يقل وإنما زاد.
نحن ملتزمون بكسب الحرب على الإرهاب على كافة الجبهات، كما أننا نقوم الآن بتحقيق مكاسب مهمة في تلك الحرب. من تلك المكاسب أن أفغانستان قد قامت مؤخراً بتنظيم أول انتخابات حرة في تاريخها.. وأن أمر قيادتها قد آل الآن إلى حكومة حرة تتشكل من مواطنين أفغان.. وأنه بانتهاء العام الحالي سوف يكون الناتو والقوات الأميركية قد انتهيا من تدريب 125 ألف جندي عراقي للقيام ببسط نفوذ القانون، ومحاربة المتمردين وتأمين الحدود في العراق. ويضاف إلى هذا أيضاً التقدم الكبير الذي تحقق في مجال المساعدات الإنسانية في هذا البلد.
ولا تزال هناك عقبات كثيرة متبقية على الطريق، ولكن أشد العواقب خطراً هي تلك التي ستنتج عن سحب القوات الأميركية قبل أن تقوم بإنهاء العمل المكلفة به. ونحن اليوم نطلب من جنودنا أن يقوموا بالمزيد من المهام، في المزيد من الأماكن، وبشكل أكبر مما قمنا به خلال عقود طويلة. وهؤلاء ال