شككت دراسة أجريت مؤخراً في دقة التوقيت المحدد الذي سوف يتغير فيه المناخ، كاشفة عن أن الاحتباس الحراري العالمي الحالي قد دخل في مرحلة جديدة ولأول مرة منذ ألف عام. إن ذلك التوقيت الذي تم التوصل إليه عبر العمل على مواءمة واتساق مؤشرات درجات الحرارة الماضية في المناطق حول الأشجار وفي الحياة البحرية وطبقات الثلج والمصادر الأخرى يعتبر إحدى الدعائم التي ظلت تسند وجهة النظر التي كانت تجد قبولاً واسعاً بأن الوطأة الحرارية الحالية إنما نتجت بشكل رئيسي بسبب تكدس الانبعاثات العالية للحرارة من المداخن والمواسير الطاردة للغازات المستنفدة.
وأشار منفذو الدراسة التي نشرت مؤخراً في "أون لاين جورنال ساينس أكسبريس" إلى أنهم لا يختلفون مع فكرة أن هناك احتباساً حرارياً حاداً قادماً في الطريق وأن الخطوات التي يمضي بها يمكن أن تشير إلى تأثير بشري. ولكنهم ذكروا أن اختباراتهم التي أجريت على الوسائل المستخدمة لتوافق وانسجام سجلات درجات الحرارة الحالية مع الدلائل التي تعود إلى قرون من الزمان قد كشفت عن أن التحولات الماضية في طبيعة المناخ قد أسيء تقدير معظمها بشكل حاد. وقد أشاد معظم علماء المناخ بهذه الدراسة الجديدة ولكنهم أشاروا إلى مدى الغموض الذي ما زال يحيط بالجهود الساعية لتحويل درجات التفاوت في الطبيعة وسجلات درجات الحرارة غير المكتوبة إلى جدول تسلسلي زمني للمناخ.
وقد صحب الدراسة تعليق ورد في نشرة "ساينس أكسبريس" من الدكتور تيموثي أوسبورن والدكتور كيث بريفا العالمين في جامعة إيست أنجيلا في بريطانيا مفاده أن "المدى الذي اعتبر فيه الاحتباس الحراري الحالي بأنه (غير اعتيادي) يحتاج إلى إعادة تقييم".على أن العديد من الخبراء ما زالوا يؤكدون على أن الدراسة الجديدة لم تقلل من الثقة في أن البشر هم السبب الرئيسي في الاحتباس الحراري الحالي - في تلخيص يعتمد على مجموعة من الحقائق المثبتة بما فيها الاحتباس الحراري في المحيطات وتسارع ذوبان المسطحات والأنهر الجليدية.
وبالطبع فقد كتب كل من دكتور بريفا ودكتور أوسبورن مشيراً إلى أن التأرجحات الماضية في المناخ كانت أكبر مما بدت عليه وهو الأمر الذي يعني أن نظام المناخ الأرضي لربما كان أكثر حساسية للتأثيرات الخارجية مثل التحولات في الناتج الشمسي أو في مدى تركيز الغازات الدفيئة وبشكل أكبر مما توقعه العلماء. وأشاروا إلى أن هذا الأمر قد يعني أن مستقبل الاحتباس الحراري الناجم عن النشاطات الإنسانية قد يصبح أعظم بكثير مما كان متوقعاً له.
ويختلف رئيس الفريق الذي أنجز الدراسة الجديدة الدكتور هانز فون ستورش في مركز بحوث "جي كيه اس سي" في ألمانيا مع وجهة النظر هذه مشيراً إلى أن الخلاصة تكمن ببساطة في أن طريقة تكامل دلائل المناخ منذ قرون مضت تعتبر أمراً مخلاً تكتنفه العيوب. وتأتي أهمية الدراسة الجديدة بسبب تحديها للمبدأ المركزي في الجدل حول ما إذا كانت الانبعاثات الحرارية العالية قد أصبح يتعين لجمها والعمل على تخفيضها. إن أكثر سمة مميزة للطريقة الأصلية لقياس لاحتباس الحراري هي ذلك الرسم البياني الذي أطلق عليه اسم "عصا الهوكي" نسبة إلى أن شكلها عبارة عن خط مستقيم نسبياً يتقاطع مع الألفية السابقة قبل أن يأخذ شكل "سكين" منطوية إلى أعلى بسبب الاحتباس الحراري خلال القرن الماضي. وتشير الدراسة الجديدة بشكل رئيسي إلى أن مقبض العصا من الممكن جداً العمل على إخفائه دون التأثير على الطريقة الإحصائية القديمة.
ويذكر أن الإعادة الأهلية لبناء المناخ ظهرت لأول مرة في أواخر حقبة التسعينيات عندما لجأ العلماء إلى الأخذ بالمؤشرات المتناثرة بشكل غير مباشر للظروف المناخية في الماضي مثل التغيرات حول مناطق الأشجار ومن ثم بناء تقديرات عامة. ثم لجأ الباحثون بعد ذلك إلى إظهار سجلات القرون الماضية وإدماجها مع التاريخ المناخي الأكثر دقة في آخر مئة عام. وقد استخدموا معادلات إحصائية حسابية لذلك الغموض الكبير الذي يكتنف السجلات القديمة وأوضحوا ذلك في المنحنى الناتج عبر إضافة مناطق رمادية متسعة على كلا جانبي الخط المركزي للرسم البياني.
ومن أجل اختبار هذه الطريقة انتهجت الدراسة الجديدة إزالة بناء المناخ بدلاً من إعادة بنائه واستخدم الباحثون طريقتين مختلفتين في التشبيه الكمبيوتري للمناخ العالمي من أجل استحداث تاريخ بديل للمناخ في فترة ألف عام. وهي طريقة تعتمد بشكل رئيسي على خرائط عالمية توضح اتجاهات درجات الحرارة في كوكب مبسط جداً. ومن خلال العمل في الفترات الماضية لجأ هؤلاء الباحثون إلى استحداث أرشيفات لدرجات الحرارة تختص بأماكن معينة، كل منها يمثل أحد السجلات الحقيقية لمنطقة أشجار أو منطقة حياة بحرية. وفي كل حالة يشير الدكتور فون ستورش إلى أن تلك الطريقة أعادت إنتاج المئة عام الأخيرة بشكل جيد ولكنها أساءت التقدير بشكل كبير فيما يختص بالاحتباس الحراري الهائل الذي استمر لقرن من الزمان، وكذلك بالنسبة للفترات التي شهدت المزيد من الارتفاع في البرودة ف