لا أخفي عليكم أنني أشعر بالقلق بسبب مواقف وسياسات إدارة بوش بشأن العلوم والطاقة- ضمن أشياء أخرى- وأنني أعتقد أن استمرار مثل تلك المواقف والسياسات لأربع سنوات أخرى، ستكون له عواقب وخيمة على الولايات المتحدة والعالم بشكل عام.
يجب علينا على سبيل المثال أن نبدأ بمعالجة موضوع المناخ الآن. ولكي نقوم بذلك فإن الأمر يستلزم أن تكون لدينا إدارة لديها القابلية للاستماع إلى ما تقوله الأوساط العلمية، وليس إدارة تقوم بإساءة استخدام أو تقليل مساهمة العلم إلى الحد الأدنى، فيما يتعلق بالمسائل القومية والدولية.
إن خطة إدارة بوش للطاقة تعتمد اعتماداً كبيراً على دعم الوسائل التقليدية لإنتاج أنواع الوقود المستخرجة من باطن الأرض، والتخلي عن اللوائح والقوانين البيئية في ألاسكا وغيرها من المناطق من أجل إنتاج كميات تعتبر صغيرة نسبياً من الطاقة، وإجراء خفض جذري في تمويل الحلول الأكثر فعالية لمشكلات الطاقة الأميركية ألا وهو: الاستثمار من أجل المحافظة على الطاقة واستخدامها بأكثر الطرق كفاءة.
لقد دأبت الإدارة على تجاهل نصيحة الأوساط العلمية بصدد التغيير المناخي (الناتج عن الانبعاثات الغازية من البيوت الزجاجية)، بما في ذلك التقرير الذي قامت الإدارة نفسها بتكليف (الأكاديمية الوطنية للعلوم) بإعداده، وكذلك التقرير المقدم من وزارة الدفاع، والذي حذر من أن التغييرات المناخية يمكن أن تقود إلى مشكلات عالمية خطيرة خلال العقود القليلة المقبلة. ولم يقتصر الأمر على ذلك حيث قامت الإدارة بإجبار (وكالة حماية البيئة الأميركية) على إسقاط أية إشارة إلى دراسة وزارة الدفاع في تقرير البيئة لعام 2003 الذي قامت بإعداده.
والشيء الأكثر خطورة على الإطلاق، هو أن الإدارة قد قامت بعرقلة التصديق على أية اتفاقية دولية يتم عقدها بشأن الحد من الانبعاثات الغازية من البيوت الزجاجية على مستوى العالم. لقد فعلت الإدارة ذلك، في حين أن التصديق على مثل تلك المعاهدات يعتبر من الأدوار البالغة الأهمية التي يتعين على الولايات المتحدة أن تلعبها به، كما يعتبر أيضاً مهمة يجب علينا جميعاً في العالم أن نضطلع بها.
ربما تكون هناك أسباب للاعتراض على بروتوكول كيوتو، ولكن المشكلة هي أن الإدارة لم تقم بتقديم أية مقترحات مضادة من أي نوع كبديل عن ذلك البروتوكول، بل إن الأسوأ من ذلك هو أنها تخلت عن الدور المنوط بها في هذا المجال.
وخطة بوش بصدد المناخ تقوم كما يبدو لنا على المجهودات الطوعية من قبل الصناعات المختلفة، وهي بالطبع خطة لا يمكن أن تحقق تغييراً ذا معنى.
على النقيض من موقف الإدارة، رأينا المرشح الديمقراطي لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية السيناتور جون كيري، يقوم بتقديم برنامج مفصل يعمل على الدمج بين البحوث التطبيقية، وبين الحوافز التي تشجع المشاريع الصناعية والتجارية الأميركية بمختلف أنواعها، على إنتاج منتجات جديدة فعالة تسمح للمستهلكين بالاستفادة بشكل أكبر من الطاقة، كما تساعد على تطوير مصادر بديلة منها.
وتهدف خطة كيري إلى وضع برنامج بقيمة 20 مليار دولار يحتوي على حوافز لدعم تطوير وإنتاج سيارات ركوب وشاحنات تقوم باستخدام الوقود بأعلى قدر من الكفاءة، وإنتاج وقود نظيف من نواتج احتراق بعض مصادر الطاقة كالفحم بغرض تقليل كميات ثاني أكسيد الكربون في الجو، وتعزيز وتنشيط مصادر الطاقة المتجددة مثل الريح والطاقة الشمسية، والجيولوجية، والجيو- حرارية والبيولوجية.
ويجب عليَّ في هذا السياق أن أضيف أنني كنت واحداً من ضمن الخمسمائة شخص الأوائل في الولايات المتحدة، الذين قاموا بشراء النوع الجديد من سيارات هوندا التي تستخدم أنواع الوقود الهجينة. والحقيقة أن هذه السيارة قد قلصت من استهلاك الوقود لديّ بمقدار النصف تقريباً. وإذا ما تمكنت أميركا كلها، من التحول إلى مثل هذا النوع من السيارات، فإنني أستطيع أن أقول إنه لا يزال يوجد لدينا أمل في إمكانية تجنب التأثيرات الأكثر سوءاً لظاهرة التغير المناخي.
دوجلاس أوشيروف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أستاذ الفيزياء بجامعة ستانفورد، والحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1996
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز"