انتهى الأسبوع الماضي اجتماع وزراء الداخلية في دول الخليج العربية بإصدار بيان يدين "الإرهاب" في المنطقة، ويدعم السياسات التي تتخذها دول الخليج العربية في محاربة "الإرهاب" خصوصاً الإجراءات التي تتخذها المملكة العربية السعودية في ملاحقة "الإرهابيين" لديها.
لا أحد يختلف مع قادة الخليج حول شر "الإرهاب" وخطورته، لكن لدينا تساؤلات حول إهمال دور المواطن في مكافحة "الإرهاب"، وتساؤلات كثيرة حول ازدواجية السياسات الخليجية في مكافحة "الإرهاب". نحن ندين "الإرهاب" في بلداننا وكذلك ندين ما يحدث في العراق من "إرهاب". لكن السؤال هنا: لماذا لم نمنع شبابنا الجهادي من الانخراط في العمليات "الإرهابية" الجهادية في العراق؟ الحكومة العراقية المؤقتة أعلنت في أكثر من مناسبة عن اعتقال مجاهدين عرب ومن ضمنهم خليجيون، كما أن الصحف الكويتية تعلن كل أسبوع أسماء مجموعة من الشباب الكويتي الذين قتلوا في الفلوجة، كما اعتقلت السلطات الكويتية مجموعة من الشباب الصغار المتوجهين للعمل الجهادي في العراق.
لماذا هذه السياسة الانتقائية، نتشدد في محاربة "الإرهاب" داخلياً لكننا نغض النظر عن ونتجاهل انخراط شبابنا في العمل الجهادي في العراق؟ لا نعرف ما إذا كانت القيادات الخليجية تعي تماماً خطورة عودة المجاهدين الخليجيين من العراق بعد استقرار أموره. حتماً سوف يكونون نواة لخلايا جهادية في بلدانهم. يبدو أننا في الخليج لم نتعلم شيئاً من درس تطوع شبابنا للعمل الجهادي في أفغانستان والشيشان والبوسنة والهرسك. ما يحدث في السعودية اليوم أفضل مثال على ما نحاول قوله.
يشكل رجال الدين خصوصاً خطباء المساجد معضلة لبعض دول الخليج خصوصاً في السعودية والكويت. فرغم كل المحاولات التي تبذلها هذه الحكومات لمنع رجال الدين من التحدث في السياسة في المساجد إلا أن المشكلة مستمرة خصوصاً في الكويت حيث منعت السلطات فيها قبل أسبوعين أكثر من 17 خطيب مسجد كويتياً من الخطابة يوم الجمعة بسبب تهجمهم على بعض الحكام العرب وتصوير حكوماتهم بأنها غير شرعية.
الازدواجية في المواقف الخليجية تتبلور أكثر في فتاوى رجال الدين خصوصاً السنة منهم، فالشيخ القرضاوي دعا إلى قتل الأميركان في العراق. بعض حكومات الخليج تغض النظر عن تصريحات مشايخ الدين السنة مثل القرضاوي.
تخبط دول الخليج وازدواجية سياساتهم تبرز أكثر في تعاملهم مع الولايات المتحدة، فهم من جهة يريدون ويطالبون بالتواجد الأميركي في بلدانهم لحمايتها وحماية الأنظمة، لكنهم ليسوا متحمسين ولا يتخذون سياسات عملية فعالة لمنع "الإرهابيين" من الانتشار في العراق.
كيف يمكن القضاء على "الإرهاب" في بلداننا وما هي السياسات التي يجب اتخاذها لمنع انتشار "الإرهابيين"؟
المطلوب من دول الخليج أن تتخذ دوراً فعالاً ونشطاً في محاربة "الإرهابيين" في العراق، ويكون ذلك باتخاذ سياسات قوية ورادعة ضد كل مواطن خليجي ينخرط في العمل الجهادي في العراق. فليس من مصلحتنا عرقلة الأمن في العراق ولا محاربة الدولة الحليفة والحامية لمصالحنا في المنطقة والعالم. كما أن نشر الحريات والعدالة وإقامة المؤسسات الدستورية وازدياد المشاركة الشعبية في الحكم وإزالة المظالم الاجتماعية بكافة أشكالها الفئوية والطائفية والمناطقية هي أنجح الطرق لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.