يبدو أن المنطقة العربية مبتلاة بالتدخلات الخارجية، وهي تدخلات لا تصب في مصلحة المنطقة بقدر ما تزيد من مشكلاتها المزمنة. النظام العالمي الراهن لم ينجح في التوصل لحلول ناجعة للصراع العربي الإسرائيلي، بل تتعامل اسرائيل مع القرارات الدولية المتعلقة بصلف وغرور. هذه الأيام تحاول الولايات المتحدة تدويل ملف العلاقات السورية اللبنانية وكأن هذا الملف هو السبب الوحيد في ارباك المنطقة، واشنطن تسعى منذ فترة ليست بقصيرة للضغط على سوريا مستغلة وجودها العسكري في العراق، كي تحصل من دمشق على "تنازلات" سواء في مسألة السلام مع اسرائيل أو دعم المقاومة الفلسطينية واللبنانية، لكن من الواضح أن العلاقالت الأميركية لا تسير على وتيرة واحدة، فتارة تعلن واشنطن أن ثمة تعاون أمني تجريه مع دمشق لمنع تسلسل عناصر إرهابية عبر الحدود العراقية-السورية، وتارة أخرى تتهم واشنطن دمشق بتأجيح التوتر في بلاد الرافدين.
ربما اختارت واشنطن هذا التوقيت للضغط على دمشق بحجة أن سوريا تخشى من أن تقوم واشنطن بتكرار السيناريو العراقي معها، لكن انهماك الولايات المتحدة في ملف العلاقات السورية اللبنانية بهذه القوة سيؤدي إلى نتائج عكسية، خاصة وأن اللبنانيين لم يطلبوا العون من واشنطن، كما أن السوريين لا يبدأون بالتصعيد مع اسرائيل، بل تطلق هذه الأخيرة بين الفينة والأخرى تهديدات في اتجاه سوريا.
وإذا كانت واشنطن راغبة في تصحيح العلاقات السورية اللبنانية فعليها أولا البحث عن تسوية عادلة وشاملة في الشرق الأوسط، لأنه من غير المنطقي أن تغلب واشنطن المصالح الإسرائيلية دوماً على حساب العرب.
عماد إبراهيم - دبي