أضيف إلى المكتبة العربية مؤخراً مرجع متخصص يشرح بالصور، وبشكل تسلسلي، أهم الحقب التي مر بها تطور الكمبيوتر والإنترنت حتى مشارف القرن الحادي والعشرين. الكتاب عبارة عن مرجع باللغة العربية بعنوان "تاريخ تطور الكمبيوتر والإنترنت" من تأليف الصحفي اللبناني المتخصص في شؤون الكمبيوتر والإنترنت ريتشارد حايك، وهو مشروع تثقيفي يهدف إلى نشر المعرفة في المجتمعات العربية من خلال التأريخ لأهم الأحداث التي مرت بها ثورة المعلوماتية في القرن الماضي.
يضم الكتاب بين دفتين أنيقتين حوالي مئتين وخمسين صفحة تتناول فصولاً خمسة هي: الجيل الأول للكمبيوتر(1940ـ1954)، والجيل الثاني (1955ـ1963)، والجيل الثالث (1964ـ1970)، والجيل الرابع (1974ـ1980)، والجيل الخامس للكمبيوتر الذي ظهر في عام 1981. هذه الفصول تأتي بلغة سهلة ومبسطة للغاية، وتعتمد التسلسل التاريخي بحسب زمن الحدث في سرد أهم الحقب التي مرت بها أجهزة الكمبيوتر من الجيل الأول في بداية أربعينيات القرن الماضي إلى الجيل الخامس الذي ظهر مع طرح الكمبيوتر الشخصي "بي سي" في الأسواق عام 1981 وولادة شبكة الإنترنت. وفي الفصل الختامي للكتاب يورد المؤلف معلومات مهمة عن أبرز الشخصيات التي ساهمت في تطور الكمبيوتر والإنترنت، وجعلت العالم ينتقل من الاقتصاد الصناعي إلى الاقتصاد الرقمي.
المؤلف يمر خلال جولته التاريخية الشارحة لمراحل تطور الكمبيوتر على مفاصل الإنجاز التي أوصلت هذا الاختراع المبهر إلينا بصورته الحالية. فيتحدث الفصل الأول مثلاً عن الكمبيوتر ما قبل الحرب العالمية الثانية، ويتناول البدايات التي أسست لظهور نواة الكمبيوتر ومن ثم ظهوره كجهاز صالح للاستخدام البشري. ويأتي المؤلف إلى موضوع اختراع الأنابيب المفرغة، حيث أرخ هذا الاختراع للجيل الأول للكمبيوتر (1940ـ1954)، وبذلك ظهر جهاز الكمبيوتر المبرمج على يد البريطانيين باسم "كولوسوس" وهو آلة لفك الرموز الألمانية ساهمت في تقدم الإنجليز على الألمان في الحرب العالمية الثانية بعد أن تمكنوا من فك شيفرة خطاباتهم العسكرية ومتابعة مراسلاتهم. وفي عام 1946 ولد أول كمبيوتر رقمي حمل اسم "اينياك" على يد جون موكلي وبرسبر ايكرت، والكتاب يتحدث عن هذا الحدث بشيء من التفصيل كونه من أهم الأحداث التي مرت في تاريخ عالم الكمبيوتر الإلكتروني الرقمي. ومن المعلومات الضرورية عن "كمبيوتر اينياك" يقول المؤلف إنه كان جهازاً معقداً يحتوي على ما لا يقل عن 17 ألف أنبوب مفرغ، مما اضطر العالم برسبر ايكرت إلى جعل الأنابيب تعمل دون طاقتها القصوى لخفض احتمالات حصول أعطال. وكان وزن هذا الجهاز عند عرضه على وسائل الإعلام حوالي 30 طناً وحجمه 1500 قدم مربع بارتفاع 5.4 متراً. هذا الكمبيوتر كان مؤهلاً للتعامل مع العمليات الحسابية فقط، وظهرت عدة عيوب في ذاكرته أضعفته وقللت من كفاءته فيما بعد.
الكاتب يتناول الحقب التاريخية البارزة في تطور أجهزة الكمبيوتر، فيرجع القارئ إلى أول كمبيوتر لخزن الذاكرة عام 1949، وإلى أول نظام إلكتروني للمعلومات ظهر مع ولادة أجهزة الكمبيوتر في دول مختلفة من أوروبا وأميركا عام 1950، ويعود الكاتب بالطبع إلى نقطة انطلاق أجهزة الكمبيوتر التجارية، وبدايات استخدام الكمبيوتر في التنبؤات السياسية عام 1952 حيث تم استخدام الكمبيوتر في تحليل استباقي لانتخابات الرئاسة الأميركية، ونجح في توقع نتائج الانتخابات بكفاءة عالية، وتوقع فوز الجنرال أيزنهاور رئيساً لأميركا، وهو ما حصل بالفعل.
لا يغفل الكاتب في الفصل الثالث من الكتاب موضوع اختراع الترانزيستور وتأثير ذلك على تطور الكمبيوتر في العالم بين عامي 1955 و 1963، حيث أعلن مختبر الأبحاث التقنية "إيه تي أند تي بل" عن إطلاق أول جهاز كمبيوتر مصنوع بالكامل من الترانزيستورات حمل اسم "تراديك" أنتج للقوات الجوية الأميركية. وبعد ذلك بسنة واحدة تم الإعلان عن إنتاج القرص الصلب، وتم أيضاً الإعلان عن أول نظام تشغيل لأجهزة الكمبيوتر "أي بي أم" بجهد مشترك بين بوب باتريك من شركة جنرال موتورز، وأورين موك من شركة نورث أميركان أفياشن.
من خلال التدرج التاريخي الذي يتبعه الكاتب يستطيع القارئ أن يلاحظ كيف بدأ التطور السريع لأجهزة الكمبيوتر بالظهور بعد عام 1960. فقد خرج أول "مودم" تجاري إلى العالم، ثم سرعان ما أعلن عن التوصل إلى تشغيل روبوت إلكتروني صناعي، وبعد ذلك دخل العالم مرحلة الاتصال عبر الأقمار الصناعية، وظهر "الماوس"، وخرجت الدارة المدمجة لتعلن عن ولادة الإنترنت، وأخترع توماس كرتز وجون كيميني لغة بيزيك، وهي اصطلاح يدل على رمز تعليم المبتدئين.
وضمن الأحداث التاريخية المهمة في تطور الكمبيوتر اشترت شركة مايكروسوفت كافة حقوق برنامج "أم أس دوز" من شركة "سياتل كمبيوتر برودكتس" عام 1981 وزودت به شركة "أي بي أم" بعد أن أطلقت هذه الأخيرة في 21 أغسطس من العام نفسه جهاز الكمبيوتر الشخصي "بي سي" مستخدمة معالجاً من نوع "إنتل 8088" أدى إلى نمو سريع ل