:International Studies Perspectives


جدلية الأمن القومي وحقوق الإنسان


العلاقة الجدلية بين حماية الأمن في زمن الحرب على الإرهاب والحفاظ على الحريات العامة، كانت من أهم موضوعات العدد الأخير من دورية International Studies Perspectives التي تصدر كل ثلاثة شهور عن جمعية الدراسات الدولية التابعة لجامعة "أريزونا" الأميركية، فتحت عنوان "الأمم المتحدة والإرهاب: إعادة التفكير في الارتباكات القانونية بين الأمن القومي وحقوق الإنسان والحريات المدنية"، كتب "كريستوفر سي. جوينر" وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة "جورج تاون" الأميركية، تقريراً استنتج خلاله أنه إذا كان المجتمع الدولي يخوض بعد هجمات 11سبتمبر حرباً على الإرهاب، فإنه يتعين على الأمم المتحدة بذل جهود من أجل إيجاد توازن بين حقوق الأفراد من جهة وأمن الدول من جهة أخرى. وحسب الكاتب قامت المنظمة الدولية بإرساء قواعد وقوانين لمكافحة الإرهاب وصاغت من أجل هذه المسألة 12اتفاقية متعددة الأطراف وشرّعت قوانين أخرى لحماية حقوق الإنسان. ومن خلال هذه القوانين تعمل المنظمة الدولية كمرشد أو موجه في قضايا حقوق الإنسان، وفي كيفية تطبيقها والالتزام بها، غير أن دور الأمم المتحدة كمنظمة يمكن من خلالها كبح الانتهاكات التي ترتكبها الحكومات في مجال حقوق الإنسان لا يزال محدوداً ويعتمد بالأساس على إرادة الدول ذات السيادة، والنتيجة أن جزءا من الثمن الذي تدفعه الدول لحماية أمنها القومي من التهديدات الإرهابية ربما يكون الانتقاص والحد من احترام حقوق الإنسان والحريات العامة في البلدان الديمقراطية الليبرالية.


الكاتب يرى أن المعركة ضد الإرهاب ليست مجرد مسألة أمن قومي، بل مسألة قيم كالعدالة واحترام حقوق الآخرين وصون الكرامة الإنسانية وضمان حق الأفراد في المثول أمام قضاء عادل ونزيه.


أما الموضوع الذي تصدر تقارير العدد، فجاء تحت عنوان "ما هي الدراسات النقدية المتعلقة بالعولمة؟" والذي أعده "جيمس اتش ميتلمان" وهو أستاذ الدراسات الدولية في "الجامعة الأميركية" بواشنطن. الكاتب يرى أن العولمة أسفرت عن ظهور دراسات وفروع جديدة من المعرفة، تتناول مسائل يتم وصفها بأنها تاريخية وتجريبية ونظرية، وهي مسائل لا يتم الفصل فيها بين النظري والتطبيقي. ومن ثم يجب أن يتم توظيف هذا النوع من الدراسات لتعريف الاتجاهات المتعددة في النظام الدولي الراهن. "ميتلمان" أشار إلى أنه يتعين على الدراسات المعنية بنقد العولمة ألا تكون مجرد دعوة إلى تقويض الأطر المعرفية والتطبيقية الموجودة حالياً، بل يجب أن يكون هدفها إرساء مجالات معرفية جديدة حول ما هو كائن وما يجب أن يكون، وذلك كله على أساس تغير علاقات القوة.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


"الرافد": نقد الأخلاق ونسبية الثقافة والأدب الخليجي


تنوعت موضوعات العدد الأخير من شهرية "الرافد" الثقافية، واشتملت على دراسة عن "التفاعلات الثقافية ونسبية المفاهيم"، يناقش كاتبها الدكتور إسماعيل نوري الربيعي المعايير الثقافية ومضمونها الوظيفي، قائلا إن أهمية الثقافة تكمن في المحتوى الجمعي الذي يميز قسمات وتفصيلات الرؤية المشتركة للمفاهيم وطريقة إدراكها. وتركز الدراسة على الفروق الجوهرية بين المجتمعين التقليدي والحديث، إذ يتضح أن الأول بفعل أحكامه المحافظة تسوده فعالية الأعراف لتهيمن على صلب وظيفة القانون، بل تفوق سلطتها في بعض الأحيان سلطة القانون، لا سيما في منظومة العلاقات القبلية والعشائرية، فيما تعلب الأيديولوجيا دورها في تحديد طبيعة النظرة إلى الأوضاع الاجتماعية والمادية.


وتحت عنوان "ثنائية العقل والأخلاق"، يتفحص محمود حيدر أهمية السؤال الفلسفي ومكوناته، من كانط إلى فوكو. فقد جاء سؤال الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط الشهير: "ما هي الأنوار؟" ليفتح ممارسة فلسفية لا تبقي الأنوار بمنأى عن فضاء النقد، بل جاء ذلك السؤال لينقد الفراغ الأخلاقي الذي تسببت فيه العقلانية الصارمة لعصر الأنوار. ويوضح الكاتب أن رؤية كانط للأنوار لم تكن خارج الدائرة الكبرى لرؤيته الوجودية، لهذا جاء كتابه "نقد العقل المحض"، ليضيء قضية توحيد الأخلاق بالدين، ومن ثم تقوم في هذا الحيز الرؤية الكانطية على فكرة الواجب، وتلك هي الفكرة المحورية في جميع طروحاته. أما الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو فسيكون لتأويل الأخلاق بعد مختلف على يديه، حيث ميز بين الأخلاق بوصفها منظومة القيم والأوامر والنواهي التي تنتصب في مستوى الشخصية القمعية للمجتمع، وبين سلوك الأفراد الذي يمكن اعتباره مندمجا في الأخلاق أو خارجا عليها. لكن ما يهم هذا الفيلسوف الأركيولوجي ليس منظومة الأ