أدلى "جيرزي زماجديجينسكي" وزير الدفاع البولندي بتصريح لصحيفة "جازيتا ويبوركزا" قال فيه أن بولندا قد أعدت خططا لتخفيض قواتها بنسبة 40 في المئة بحلول نهاية شهر يناير 2005 تمهيدا لإجلائها بشكل كامل في نهاية العام. ومع أن الرئيس البولندي "الكساندر كيفاشنيفسكي" أشار إلى أن مسألة الانسحاب ما زالت في مرحلة النقاش، وأنه من غير المتوقع الانتهاء من مناقشتها بشكل كامل إلا عقب الانتخابات العراقية المزمع إجراؤها في شهر يناير القادم، إلا أن كلماته جاءت وسط دلائل تشير إلى أن التحالف القائم بين دولته وبين الولايات المتحدة يضعف تدريجيا.
ويشار في هذا الصدد إلى أن عدة دول وسط أوروبية، من التي انضمت إلى الولايات المتحدة في حربها ضد العراق، تقوم الآن بإعداد خطط للانسحاب من هذا البلد، كما يشار إلى أن بولندا التي قامت بإرسال رابع أكبر قوة من حيث الحجم إلى العراق، هي أول دولة تلمح إلى أنها لن تنتظر حتى انتهاء الفترة الانتقالية، وتعين حكومة عراقية جديدة كي تقوم بسحب قواتها من هناك.
وفي الوقت الحالي تقوم "أوكرانيا" و"مولدوفا"، بالنظر في مسألة إجراء خفض في تكليفات قواتهما. ويحظى التصريح الذي أدلى به وزير الدفاع البولندي بأهمية خاصة، لأن الدول الشيوعية السابقة، كانت من أوائل الدول التي شاركت أميركا في حربها على العراق، ومن أكثر التزاما كذلك، كما أن تسعة من بين الدول التي انضمت إلى "الناتو" حديثا، لها قوات تخدم الآن في العراق.
علاوة على ذلك فإن بولندا تتولى قيادة منطقة من المناطق العسكرية الأربعة في العراق، وتحتفظ فيها بقوات قوامها 2500 جندي. كما يشار هنا أيضا، إلى أن حكومات ليتوانيا، والمجر، وأوكرانيا التي ساهمت معا بقوات يبلغ عددها 2446 جندي، تواجه الآن احتمال التعرض إلى ردة فعل سياسية، خصوصا عند خطف مواطنيها في العراق واتخاذهم كرهائن، أو عند تعرض جنودها للقتل.
وقد انضم قادة دول وسط أوروبا إلى الولايات المتحدة في العراق، على الرغم من التحفظات التي أبدتها شعوبهم على ذلك، وعلى الرغم من الضغوط المكثفة التي تعرضوا لها من قبل قادة أوروبيين معينين. بيد أن هناك شعورا بعدم اليقين يسود وسط أوروبا بأسرها، بشأن الأسباب التي دعت دولها إلى التورط في العراق. ففي بدايات هذا العام، وتحديدا في شهر مارس الماضي، أدلى الرئيس "كيفاشنيفسكس" بتعليق قال فيه: "أنا بالطبع أشعر بعدم الراحة بسبب التضليل الذي تعرضنا له بشأن المعلومات المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل". وفي استطلاع للرأي تم إجراؤه في شهر يونيو الماضي، تبين أن 61 في المئة من المجريين الذين شاركوا في الاستطلاع، يريدون إعادة القوة التي أرسلتها بلادهم إلى العراق وعددها 350 جندي إلى المجر، بدلا من تجديد مهمتها التي ستنتهي في نهاية هذا العام.
ويذكر أن وزير الخارجية الأميركي "كولن باول" قام بزيارة إلى دول وسط وشرق أوروبا في شهر يوليو الماضي، في محاولة لحشد الدعم للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. وقد ظهر "باول" على شاشة التلفزيون المجري، وأدلى بحديث حث فيه أعضاء التحالف على "عدم التخاذل والشعور بالخوف" بسبب عمليات الخطف التي تجري في العراق، أو بسبب نتائج استطلاعات الرأي التي تجري في بلادهم.
ولكن الولايات المتحدة مطالبة- إذا ما أرادت إدامة مشاركة "أوروبا الجديدة" في التحالف الموجود في العراق- بالذهاب إلى ما هو وراء الكلمات، والعمل على اتخاذ خطوات لمعالجة الهموم الأساسية لحلفائها. أول هذه الخطوات هي تخفيف الإجراءات الصارمة المتبعة حاليا فيما يتعلق بمنح تأشيرات الدخول لأميركا لمواطني دول أوروبا الوسطى. فحتى اليوم، وعلى الرغم من أن دولهم قد حصلت على عضوية كل من الاتحاد الأوروبي وحلف "الناتو"، لا زال يتعين على المواطنين التشيك والسلوفاك، والمجريين دفع مئة دولار كرسم مقابل الحصول على طلب لتأشيرة الدخول بالإضافة إلى ضرورة قيامهم بإجراء مقابلة شخصية قبل أن يسمح لهم بالحصول على تلك التأشيرة.
وخلال الزيارة التي قام بها إلى واشنطن في شهر أغسطس الماضي، قام الرئيس البولندي "كيفاشنيفسكي" بتوجيه سؤال علني ومباشر للرئيس الأميركي جورج بوش حول هذا الأمر. وتجاوبت الإدارة الأميركية مع الطلب البولندي، من خلال زيادة عدد الأفراد العاملين في السفارة الأميركية في "وارسو"، وعن طريق تأسيس برنامج يسمى برنامج "الفرز المسبق" للبولنديين المغادرين من العاصمة "وارسو" إلى أميركا. ولكن البولنديين غير مقتنعين بذلك ويرغبون أن يروا دولتهم وقد انضمت في نهاية المطاف لبرنامج "الإعفاء من تأشيرة الدخول للولايات المتحدة".
ومما يحسب للسيناتور "جيم كيري" هو أنه قد أدلى بتصريح في شهر سبتمبر الماضي قال فيها أنه "سيعمل عن قرب مع البولنديين وغيرهم من الدول الديمقراطية الحديثة في وسط وشرق أوروبا والتي انضمت لعضوية كل من الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، من أجل ضمهم إلى برنامج الإعفاء من تأشيرات الدخول".
نقطة الاختلاف الأخرى التي ظهرت بين الولايات الم