أثبتت الأحداث المتلاحقة في العالم، وبؤر الصراع المتفجرة في الكثير من المناطق، والعجز الواضح للأمم المتحدة عن التدخل المؤثر في الصراعات السياسية والنزاعات العسكرية، الحاجة الملحة لإحداث تغيير جذري في تشكيلة مجلس الأمن الدولي وآلية عمله. فمنذ تأسيس المنظمة الدولية في العام 1945 شهد العالم تغييرات جيوسياسية درامية، فانهارت إمبراطوريات، وظهرت قوى اقتصادية عملاقة وتراجعت أخرى، واختلفت موازين القوى سياسيا واقتصاديا وعسكريا، فيما بقي الحال على ما هو عليه في الأمم المتحدة، وبالتحديد في مجلس الأمن الدولي الذي تصطدم معظم قراراته بالاستخدام المفرط لحق النقض "الفيتو" ولا تخرج نسبة كبيرة مما يصدر منها إلى حيز التنفيذ.
من هنا تكمن أهمية مطالبة دولة الإمارات بإحداث تغيير في تشكيلة مجلس الأمن، وضم دول جديدة إلى مجموعة الدول الخمس دائمة العضوية، مع تخصيص مقعد دائم لمجموعة الدول العربية يتم شغله بالتناوب، وهو ما ينسجم مع حقيقة تنامي الدور الاقتصادي والسياسي للعالم العربي، ومع المطالبات شبه الجماعية بتوسيع قاعدة الدول الدائمة العضوية بحيث تحقق التوازن الجغرافي وتضمن حضورا فعالا للكثير من القوى المؤثرة في العالم، وتمثيلا عادلا لمختلف التجمعات الجغرافية.
وقدمت دولة الإمارات في البيان الذي ألقاه المندوب الدائم للدولة لدى الأمم المتحدة خلال جلسة المناقشة المشتركة التي أجرتها الدورة التاسعة والخمسون للجمعية العامة حول توسعة عضوية مجلس الأمن وزيادة عدد أعضائه، تشخيصا دقيقا لمكمن الخلل في أداء المجلس عندما أشارت إلى أن انعدام التمثيل المتوازن في تشكيلته إلى جانب عدم الاستناد إلى مبدأ التساوي في منح الصلاحيات لأعضائه، ساهما إلى حد كبير في عدم قدرته على تسوية العديد من مشاكل وقضايا الأمن والسلم الدوليين الرئيسية المطروحة على جدول أعماله مما أطال من أمدها وفاقم من الكوارث الإنسانية الناجمة عنها.
وليس أدل على ذلك من أن الفترة من العام 1945 إلى العام 2003 شهدت استخدام الاتحاد السوفييتي ومن بعده روسيا حق الفيتو (النقض) 120 مرة، والولايات المتحدة 76 مرة، وبريطانيا 32 مرة، وفرنسا 18 مرة، بينما استخدمته الصين حديثة العهد بالانضمام إلى المجلس خمس مرات، وكان الخاسر، في معظم هذه الحالات، السلام والرخاء الدوليان.