لقد ظللت أتلقى الكثير من النصائح المتشابهة المحزنة، من أعضاء النخبة الليبرالية المثقفة طوال العام الماضي. والآن فربما كان هذا هو الوقت الملائم لإعطاء بعض النصائح من جانبي لليبراليين، عِرفاناً مني ورداً للجميل. فبدلا من التصدي لمطالبهم وإلحاحهم علي بالانسحاب والكف عن ممارسة حقي في التعبير والتنظيم -وهو في نظري لب العملية الانتخابية وترشيح المرء لنفسه لمنصب المسؤولية- فإني أهديهم هذه الكلمات علها تحفزهم على المزيد من الجدية نحو إصلاح حزبهم المدلل المعتل. في نصيحتي هذه، فإني أقترح الخطوات التالية من أجل تعافي الحزب واسترداده لصحته.
أولى هذه الخطوات، ضرورة التخلي عن شعار "أي بديل آخر عدا بوش.. اتركوا الأمر لكيري، وكفوا عن المطالب". فعلى الديمقراطيين استبدال ذلك الشعار بآخر هو: "إن لم نجعل كيري أفضل مما هو عليه الآن، فسوف يغدو أكثر سوءا". يتبع ذلك، فحص القواعد الانتخابية الرئيسية المؤيدة لكيري، وتضم هذه الجماعات المدافعة عن البيئة، النقابات، الأقليات العرقية، المستهلكين، فئات القضاء المدني، المجموعات المناوئة للحرب، جماعات السلام، وجماعات الدفاع عن الحقوق المدنية. ومن الضروري أيضا ملاحظة أن مجموعات الضغط هذه، لا يوجد ناظم واحد مشترك للكيفية التي تمارس بها ضغوطها، أو للطريقة التي تستجيب بها لسلوك الآخرين. وكانت هذه القواعد قد عولت كثيرا على تعليقات كيري المبكرة حول الرعاية الاجتماعية ومكافحة جرائم العمل والاستثمارات. ولكنك هل تقرأ اليوم أي شيء في الموقع الالكتروني الخاص بجون كيري عن أي خطة محددة وملموسة تستهدف تبني تطبيقات أكثر صرامة لقوانين مكافحة الجريمة والتجاوزات في مجال الاستثمارات وأنشطة الشركات، أو من قبل المستهلكين والعاملين وحملة أسهم وسندات الخدمة المعاشية؟ أم هل رأيت كيري يقدم أي رؤية أو خطة محددة حول إلغاء الدعم الحكومي الكبير المقدم لكل من الشركات، سواء كان في شكل منح وعطاءات، أم إنقاذها من مأزق الإفلاس الذي تمر به؟
بل الواقع أن الأموال والشركات والاستثمارات هي التي تجر كيري يوميا باتجاهها هي، بدلا من أن يسعى هو إلى التصدي لتجاوزاتها. وما لم يطلب الديمقراطيون من كيري خططا تفصيلية محددة عن كيفية تصديه لتلبية الحاجات الضرورية للمواطنين، فلك أن تتصور في أي اتجاه سيمضي بمفرده، إن ترك له الحبل على الغارب. وفي حال فوز كيري بالمنصب الرئاسي بدون توفر تفويضات واضحة بخصوص البرنامج والرؤى التي سوف يعمل على تنفيذها، فمن المرجح أن تتحكم به وتسير أداءه، الدوغما والأفكار الاستثمارية الجامدة المسبقة، فتكون لها السيادة على البيت الأبيض.
ثانيا: مساعدة الديمقراطيين الليبراليين الذين تحولوا إلى كائنات مهددة بالانقراض في المنطقة المسماة بالولايات الحمراء، في جبال الروكي ومنطقة السهول الجنوبية. وإلى حد كبير، فقد نشأ هذا الواقع المعادي للديمقراطيين، نتيجة لإهمالهم لتلك المناطق في كافة الحملات الانتخابية الرئاسية التي تعقد مرة كل أربع سنوات. وينسحب تقلص الأصوات الناخبة للديمقراطيين في المنطقة المذكورة، ليس على الانتخابات الرئاسية وحدها، بل على كافة المناصب والمستويات التي تجري الانتخابات حولها، بدءا من منصب حاكم الولاية، صعودا إلى عضوية الكونجرس والمشرعين الولائيين، وحتى عضوية مجلس المدينة والعمدة وغيرها من مناصب. وكما قال "بن بارنس" من ولاية تكساس، فإن إهمال تلك المنطقة من قبل الحزب الديمقراطي-أو بالأحرى تخليه عنها- يحرمه من مستودع غني بالأصوات الانتخابية، بل ومن أن يكون له مرشحون جذابون في المستقبل من المنطقة نفسها. وقد عدت مؤخرا من زيارة لكل من ألاسكا وهاواي، حيث لم يسبق مطلقا أن زار أحد مرشحي الحزب الديمقراطي الرئاسيين، الديمقراطيين الموجودين في تلك المناطق. وإن كان لسلوك التجاهل والإهمال هذا أن يثمر أي شيء، فهو تعزيز الانسحاب الكامل و التخلي عن تلك المنطقة بكاملها، لصالح المرشحين الجمهوريين.
ثالثا: التصدي لارتفاع عدد التقارير التي تتحدث عن حالات التجاوز الإلكتروني وتعريض سمعة الحزب للخطر، وهي تجاوزات من شأنها أن تؤدي إلى حرمان عدد كبير من الناخبين من حقهم الاقتراعي في العديد من الولايات، بما فيها ولاية فلوريدا. كما أخبرني السناتور "جيسي جاكسون" أن الحزب الديمقراطي لا يثابر بما فيه الكفاية في تسجيل أسماء الناخبين الأفارقة الأميركيين، الذين يمثل ثقلهم الانتخابي البالغ 9 ملايين صوت، عنصرا ترجيحيا في التنافس الانتخابي الحاد، في عدد من الولايات الترجيحية الرئيسية. وبدلا من استخدام مجموعات كبيرة من المحامين والمراجعين والمدققين والناشطين الذين لا هم لهم سوى إقصاء اسمنا من صناديق الاقتراع في عدد من الولايات، فليتجه جهد الحزب الديمقراطي لاستقطاب ملايين الأصوات التي ربما لا تحصى بسبب الخدع التي يمارسها الجمهوريون.
رابعا: ليمارس الحزب الديمقراطي ضغوطا على مرشحيه الولائيين والفيدراليين على حد سواء، كي يشجبوا علنا عملية إع