لا أدري إن كان أحد من أهل مدينة ليفربول البريطانية قد زار الفلوجة من قبل أو يعرف عنها أي شيء، ولكن بالتأكيد وبعد جز رأس كينيث بيغلي فيها ستكون مدينة لا تنسى بالنسبة لأهل ليفربول الرمادية -مسقط رأس بيغلي- والتي إزدادت كآبة في الأيام الأخيرة حزنا على قتل أحد أبنائها.
ولا أدري أيضا إن كان أهل كينيث بيغلي، وبالتحديد إخوانه الذين ظهروا مرارا على شاشات التلفزيون البريطاني، ووالدته -85 سنة- التي ترجت خاطفي ابنها، إطلاق سراحه، لا أدري إن كانوا قد اطلعوا على تصريحات وزير الدفاع العراقي حازم الشعلان التي اتهم فيها ليبيا بالتورط في العمليات الإرهابية في العراق، وذلك بتقديم الدعم المالي لفلول نظام صدام حسين.
ولا أدري إن كان الأخ -العقيد معمر القذافي- قد سمع أو قرأ اتهامات الوزير الشعلان قبل أن يتطوع ويظهر من طرابلس الغرب وعلى شاشة تلفزيون الجماهيرية في 6 أكتوبر الماضي (قبل ساعات من جز رأس بيغلي) طالبا من الخاطفين إطلاق سراح "المسكين" كما أسماه.
قال العقيد: أتقدم بهذا النداء إلى الخاطفين بناء على طلب أهل الرهينة كينيث بيغليٍ وأطلب منهم إطلاق سراح هذا البريطاني "المسكين".
أما الوزير الشعلان فقد صرح بعد هذا النداء بيوم واحد لصحيفة "الشرق الأوسط" السعودية الصادرة في لندن: ليست دول مجاورة للعراق وحدها من يدعم العمليات الإرهابية في العراق، بل هناك دولة تبعد آلاف الكيلومترات، وفي شمال أفريقيا تقوم بمساعدة الإرهابيين هنا. بحوزتنا وثائق وأدلة تثبت دعم ليبيا لبقايا النظام السابق والمتمثل في سبعاوي إبراهيم الأخ غير الشقيق للرئيس المخلوع صدام حسين، ومحمد يونس الأحمد عضو المكتب العسكري السابق التابع لحزب البعث، حيث قامت ليبيا بتقديم الأموال لهما من أجل دعم عملياتهما الإرهابية في لعراق.
لا أدري من الذي يقول الحقيقة؟. ولو كانت ليبيا متورطة فعلا في تمويل العمليات الإرهابية كما يقول الشعلان، فهل ستحاسب أم أن الموضوع "سيلفلف" مثلما" لفلف" موضوع محاولة اغتيال ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبد العزيز، بعدما أعلن الأميركيون أنهم كانوا على علم بتفاصيل المحاولة قبل المصالحة مع ليبيا وأن القضية عفي عنها كما عفي عن غيرها...بالثمن المطلوب!؟.
أما بالنسبة للوزير الشعلان، فيبدو أنه اسم على مسمى فهو لا يلبث أن يطفىء حريقا حتى يشعل آخر، فهل العراق محتاج إلى حرائق من هذا النوع إضافة إلى النار المستعرة فيه احتلالا وحقدا وحزازات.
رحم الله الشهيد كينيث بيغلي. كان يقول لعائلته قبل شد رحاله إلى العراق:هذه الزيارة ستكون الأخيرة... بعدها سأخلد إلى الراحة في تايلاند مع زوجتي (الثانية) لأستمتع بشيخوختي بهدوء وطمأنينة، وأقرأ كل الكتب التي كنت أتمنى قراءتها، وأذهب إلى الأماكن التي حلمت بالذهاب إليها. كينيث بيغلي رحمه الله أخطأ البلد ... ولم يسعفه أي نداء.
أما الفلوجة وأهلها فلا أحد يدري ما الذي سيبقى منها بعد الهجوم الأخير...فليرحمها الله بشفاعته.