قبل عدة أيام قامت طالبة فرنسية في الخامسة عشرة من عمرها بحلق شعر رأسها بالكامل احتجاجا على قانون منع الحجاب في فرنسا بعد أن منعتها المدرسة حتى من وضع حجاب يشبه "الطاقية" المربوطة إلى الخلف. إن هذا التشدد الذي تمارسه المدارس الفرنسية وإداراتها في تطبيق القانون مع الفتيات المسلمات لا يعكس فقط الحقد على كل ما هو غريب في فرنسا، ولكن يعكس أيضا الضعف الشديد الذي وصل إليه المسلمون في الغرب نتيجة عدم وقوف أية دولة إسلامية وراءهم وعدم مساندة قضاياهم من أي جهة مسؤولة في أي بلد إسلامي أو منظمة إسلامية كبيرة.
لماذا يجب أن تتصرف فرنسا باحترام مع المسلمين المتواجدين على أراضيها إذا كانت دولهم أصلا تجردهم من معظم حقوقهم؟! لقد رأيت صورة هذه الفتاة على الإنترنت وهي من دون شعر والدموع تملأ عينيها فتذكرت صور الحرب العالمية الثانية وما أدت إليه المعتقلات الجماعية آنذاك، شعرت بألم كبير. وإذا كان البعض يحاول إلقاء مسؤولية ظهور قانون حظر ارتداء الحجاب في المدارس الفرنسية على المسلمين المتشددين، فإنني أرى أن في هذا الموقف تسطيح كبير للمشكلة، فلو لم يكن عند أوروبا والغرب الاستعداد المسبق والمخطط المبيت لهذا الذي يحدث لما وصلنا إلى ما نحن فيه الآن، وذلك بغض النظر عن كل ما بدر من جماعات إسلامية متطرفة أساءت لنفسها ولدينها ولمجتمعاتها بتصرفات تحتاج إلى الكثير من الدراسة والحوار لا إلى المزيد من العنف والعنف المضاد. لو لم يكن عند أوروبا الاستعداد النفسي والفكري لهذا التطور الخطير لما حصل. وإذا كان المتطرفون قد أساءوا إلى دينهم وإلى بلدانهم، فإن أوروبا بقوانينها الجديدة التي تقنن الظلم أساءت أيضا إلى دينها ومبادئها.
أمير أوغلو - الدانمارك