في أواخر أغسطس، أعلنت وسائل الإعلام المطبوعة والتلفزيونية أن "إف بي آي" يحقق في كون مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية جاسوساً لإسرائيل. وجمع "إف بي آي" أدلة على أن "لورانس إي فرانكلين"، وهو محلل لدى وكالة الاستخبارات الدفاعية ومتخصص في الشؤون الإيرانية، أعطى معلومات سرية حول السياسة الأميركية حيال إيران إلى لجنة العلاقات العامة الأميركية-الإسرائيلية، التي أعطت بدورها المعلومات إلى مسؤولي السفارة الإسرائيلية في واشنطن. ولا يبدو أن السياسة الأميركية حيال إيران وسوريا هي "تغيير النظام" في اللحظة الراهنة، لكن الصهاينة الأميركيين في إدارة "بوش" متلهفون على جعل "تغيير النظام" في إيران وسوريا هو السياسة الأميركية الرسمية.
وباتت إيران قريبة من تطوير أسلحة نووية وهددت إسرائيل بتوجيه ضربة استباقية لتدمير المقدرات النووية الإيرانية. وإسرائيل التي تمتلك أسلحة نووية وترفض أي تفتيش من جهة الأمم المتحدة على منشآتها النووية، ترغب في قيام الولايات المتحدة بتحييد إيران بالنيابة عنها. ووفقاً لذلك، يستخدم الصهاينة الأميركيون في إدارة "بوش" الاستراتيجية نفسها التي استخدموها بنجاح لحمل أميركا على شن الحرب ضد العراق: أي الزعم بإلحاح أن إيران لديها أسلحة تدمير شامل وتدعم الإرهاب ولها صلات بتنظيم القاعدة.
وكان "إف بي آي" يُجري في السر تحقيقات لحساب إسرائيل على مدى سنة إلى حين أذاعت السر محطة "سي بي سي" التلفزيونية والمنافذ الإعلامية الأخرى في أغسطس الماضي. لكن، وعلى غرار لجنة 11 سبتمبر التي فشلت في التطرق إلى إخفاق القيادة في القمة، ربما يسعى البنتاغون وراء الشخص الخطأ. ذلك أن "فرانكلين" يعمل لحساب مؤيد لإسرائيل أكثر تعصباً ولديه تصريح أمني أعلى: إنه وكيل وزارة الدفاع لشؤون السياسة "دوغلاس فيث"، الذي لعب في سياق تأييده الشديد لحزب الليكود دوراً حاسماً في جعل الولايات المتحدة تشن حرباً على العراق، وهو يحاول دفعها للتدخل ضد إيران. وخدمات "فيث" وولاؤه للمتطرفين في إسرائيل يجعل تحقيق "إف بي آي" في نشاطات فرانكلين التجسسية ضئيلة الأهمية.
وقد صاغت "نيويورك تايمز" الأمر بطريقة دبلوماسية عندما قالت إن منتقدي الأميركيين الصهاينة في البنتاغون يعتقدون أن "السيد وولفوفيتز" والسيد فيث وغيرهما استخدما هجمات 11 سبتمبر كذريعة لمتابعة المسائل التي تعكس ببعض الطرق سياسة حكومة إسرائيل الليكودية المحافظة".
وكان "وولفوفيتز"، وهو نفسه صهيوني، انضم إلى إدارة "نيكسون" في 1973 للعمل لحساب وكالة نزع السلاح والحد من انتشار الأسلحة. وبعد 4 سنوات، تم التحقيق معه بسبب تقديم وثائق سرية إلى مسؤول في الحكومة الإسرائيلية. ولم يوقفه ذلك عن الحصول على مناصب أكثر حساسية ضمن الحكومة الأميركية.
في 2001، انضم "وولفوفيتز" إلى إدارة "بوش" كنائب لوزير الدفاع وأقنع "رامسفيلد" بتعيين "دوغلاس فيث" كوكيل للوزارة لشؤون السياسة. وبعد يوم واحد من مأساة 11 سبتمبر، اقترح "رامسفيلد" و"وولفوفيتز" شن هجوم فوري على العراق أثناء اجتماع لمجلس الأمن القومي. وفي 8 أغسطس 2003، نشرت صحيفة "نيوز داي" قصة حول كيفية قيام المتشددين في البنتاغون الضاغطين نحو تغيير النظام في إيران بعقد اجتماعات سرية غير مصرح بها في باريس مع تاجر أسلحة إيراني كان شخصية رئيسية في فضيحة إيران-كونترا. والإيراني المقصود هنا هو مانوشار غوربانيفار الوسيط في صفقة الرهائن مقابل الأسلحة مع إيران في منتصف الثمانينيات.
وينتمي مسؤولا البنتاغون، اللذين قيل إنهما حضرا الاجتماع السري غير المصرح به، إلى مكتب "دوغلاس فيث"، وهما "هارولد رود" المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، و"لاري فرانكلين" وهو موضوع التحقيق الحالي لمكتب "إف بي آي".وبحسب عملاء "سي آي إيه" سابقين، كان "مايكل ليدن" هو الذي رتب للاجتماعات بين مبعوثي "فيث" و"غوربانيفار" في باريس 2003. وتم استئجار "ليدن" في 1983، بناءً على توصية من "ريتشارد بيرل" في وزارة الدفاع كمستشار حول الارهاب وعمل لاحقاً لحساب مجلس الأمن القومي في عهد "ريجان". ولعب "ليدن" دوراً رئيسياً في جذب الإيرانيين والإسرائيليين إلى الشبكة التي باتت معروفة بفضيحة إيران-كونترا.
وتم استئجار "ليدن" من قبل "فيث" في 2001 للعمل كمستشار لدى مكتب الخطط الخاصة الذي أنشأ وحدته الخاصة لتكذيب المعلومات الاستخباراتية حول العراق وإقناع البيت الأبيض بقضية الحرب ضد العراق. لم يكن "ليدن" مستشاراً عادياً لـ "فيث". وفي الثمانينيات، عاش "ليدن" في روما كمراسل للدورية اليهودية "نيوريبابليك"؛ وكان أيضاً، بحسب الصحفي "ستيف غرين"، حمل ملفات "سي آي إيه" باعتباره عميلاً لإسرائيل ذا نفوذ.
ولم تكن المحادثات مع "غوربانيفار" مصرحاً بها من البيت الأبيض. ووفقاً لصحيفة "نيوزداي"، فإن "المسؤول الرفيع ومصدر الإدارة الآخر، الذي أكد أن الاجتماعات حدثت، قالا إن السياسة الموضوعية النهائية لـ"فيث" ومجموعة أخرى من المدنيين المحافظين الجدد داخل الب