في الأسبوع الماضي، وجد الرئيس "بوش" نفسه يدافع عن سجله المتعلق بالأمن القومي من دون الغطاء الواقي المعتاد المؤلف من جموع المستمعين والمراسلين الذين تم اختبار ولائهم، وكان الصوت الذي سمعتموه هو الميزان، الميزان الذي سقط من أعين الملايين.
وفي محاولته إبطال الضرر، يقول "بوش" الآن لجماهير المستمعين الذين تم اختبار ولائهم إن استخدام السيناتور "كيري" لعبارة "الاختبار العالمي" يعني أنه "سيعطي الحكومات الأجنبية سلطة الفيتو على قرارات الأمن القومي". وهو بالطبع يكذب، كما يمكن لأي شخص أن يؤكد بالنظر إلى ما قاله "كيري" فعلاً. لكن ذلك ربما ما يزال فاعلاً- فصعود السيد "بوش" في استطلاعات الرأي قبل المناظرة هو شهادة على فاعلية تكتيك تشويه السمعة.
وعلى رغم ذلك، حدث شيء مهم يوم الخميس الماضي. وربما أن الأسلوب كان أهم شيء: فالمشاهدون صُدموا بالتباين بين صورة السيد "بوش" المصنّعة كقائد قوي موطّد العزم، وسلوكه الفظ المنتحب في المناظرة. لكن "بوش" كان سيخسر على نحو أسوأ لو أن تغطية المناظرة كانت أكثر تركزاً على الجوهر.
وإليكم مثالاً لم يتم الإعلان عنه: حتى الآن لم يدفع "بوش" ثمناً سياسياً مقابل تقتيره المخزي المتعلق بالأمن الداخلي ورفضه توفير حماية فاعلة لموانئ أميركا والمنشآت الكيميائية. وكما كتب "جوناثان تشيت" في صحيفة "نيو ريبابليك": "ينبغي اعتبار سجل بوش المتعلق بالأمن القومي كفضيحة". وعلى رغم ذلك، فإنها ليست فقط فضيحة، ولا حتى قصة".
لكن "كيري" أثار المسألة واصفاً كيف أخفقت الإدارة في حمايتنا من الهجمات "الإرهابية". ما ردّ السيد "بوش"؟ لا أظن أننا نريد التوصل إلى الطريقة التي سيقوم بها بالوفاء بكل هذه الوعود".
بل نحن نريد ذلك. وبحسب تقديرات مكتب الميزانية التابع للكونغرس، كانت تخفيضات "بوش" الضريبية، بميلها القوي نحو الأغنياء، مسؤولة عن عجز في الميزانية يفوق 270 مليار دولار. فالإنفاق المتزايد على حسابات الأمن الداخلي مسؤولة عن 20 مليار دولار فقط. ويبيّن ذلك الأولويات الحقيقية لـ "رئيس الحرب" الذي نصّب نفسه. وفي وقت لاحق أكد "بوش"، ربما لأنه لاحظ خطأه، قائلاً "بالطبع " نحن نفعل كل ما في وسعنا لحماية أميركا". لكنه كان قد سلّم سلفاً بأنه ليس كذلك.
وليس من الواضح أيضاً ما إذا كان الناخبون قد لاحظوا انهيار قصة الغلاف الخاصة بـ"بوش" بسبب القرار الكارثي بغزو العراق. وفي مدينة "كورال غيبلز"، أكد الرئيس "بوش" أنه عندما صوّت "كيري" لصالح تفويض استخدام القوة ضد صدام حسين، "نظر إلى المعلومات الاستخباراتية نفسها التي نظرت أنا إليها". لكن كما أكّدت صحيفة "تايمز" في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، أخفت إدارة "بوش" المعلومات الاستخباراتية التي ربما تكون قد أثارت شكوكاً في الكونغرس".
وقد اعتمدت الحجة المؤيدة للحرب، وبطريقة حاسمة، على دليل واحد وهو أن شراء صدّام حسين لأنابيب الألمنيوم التي كانت، على ذمة مستشارة الأمن القومي "كوندوليزا رايس"، "ملائمة فقط لبرامج الأسلحة النووية". لكن الحقيقة التي لم يتم الكشف عنها للكونغرس هي أن معظم خبراء الحكومة اعتبروا الأنابيب غير ملائمة لبرنامج نووي، وأنها مطابقة للأنابيب التي يستخدمها العراق لأغراض أخرى. أجل يا فيرجينيا، لقد تم سحبنا إلى الحرب بالتضليل.
والآن جاء دور "ديك تشيني". وصورة نائب الرئيس الأميركي "تشيني" المصنّعة هي على خلاف كبير مع الواقع، وعلى غرار صورة "بوش". فنائب الرئيس قد تم تصويره كشخص واقعي عنيد، أي كشخص يمكنك أن تعهد إليه بالقرارات الصعبة. لكن سجله الحقيقي هو سجل يتصف باللامسؤولية وانعدام الكفاءة.
هاكم حجة وثيقة الصلة: لقد أخطأ "تشيني" تماماً في قراءة طبيعة أزمة الطاقة في كاليفورنيا عام 2001. وعلى رغم أنه أعاق التحقيقات فيما كان يجري في داخل مجموعة العمل الخاصة التابعة له، فإنه ليس هناك شك حقيقي في أنه وضع ثقته في الشركات ذاتها التي أحدث الأزمة تلاعبها بالأسواق.
وفي مناظرة أمس، كان من المؤكد أن "جون إدواردز" سيواجه "تشيني" بخصوص مجموعة العمل الخاصة، وبخصوص السياسات الداخلية وطبعاً بخصوص شركة "هاليبورتون". لكنه يستطيع أيضاً أن يستخدم المناسبة لكي يطرح المزيد من الأسئلة الصعبة حول الأمن القومي.
وعلى رغم كل شيء، فإن "تشيني" لم يقطع فقط وعداً للأميركيين بـ "أننا في الحقيقة سوف نلقى الترحيب كمحررين" من قبل العراقيين الشاعرين بالامتنان. وقد لعب أيضاً دوراً مركزياً في قيادتنا إلى الحرب استناداً إلى ذرائع كاذبة.
لا، تلك ليست مبالغة. ففي أغسطس 2002، وعندما أعلن "تشيني" أننا "نعلم الآن أن صدام حسين قد استأنف جهوده للحصول على الأسلحة النووية"، فإنه كان كاذباً: أي أن الإدارة كانت لا تعرف شيئاً كهذا. وكان أيضاً على غير عادته يفتقر إلى الشعور بالمسؤولية: أي أن كلامه استبق مراجعة استخباراتية ربما أنها لم تمنح الخبراء فرصة لدعم قضيتهم.
فها هي إذاً مهمة "إدورادز": أن يقوم بكشف "ديك تش