يبدو أن الإرهاب أصبح "صناعة" رائجة، فمستقبلها مضمون، وربحها وفير، بل هي من أكثر الصناعات ربحا هذه الأيام، والطلب عليها في تزايد مستمر، وتلقى تشجيعا متميزا على كافة الأصعدة من أطراف وجماعات وقطاعات عديدة، ومن ميزاتها أن دورة رأس المال فيها سريعة جداً، بل أسرع بعشرات المرات من دورة رأسمال المشروبات الغازية في عز الصيف، ويهمس بعض "المستثمرين" في هذه الصناعة، أنهم في أحيان كثيرة استردوا أموالهم وأرباحهم بلمح البصر، وأن رأسمالهم تضاعف مرات عديدة في فترة وجيزة.
والاستثمار في هذه "الصناعة" ليس حكراً على أحد، بل يمكن لكل من هب ودب الاستثمار فيها، كالبلطجية، وباعة الأقلام والضمير من شعراء وكتاب وروائيين وأساتذة وصحفيين ورؤساء تحرير ومحامين ونقابيين وفنانين وسياسيين، وهناك عرض خاص: للمطبلين والمزمرين وأيتام صدام المقهورين، وجمعيات المؤدلجين المتاجرين بحقوق الإنسان.
أما الذين لا تنطبق عليهم المواصفات والمواهب المنصوص عليها أعلاه، فيمكنهم الاستثمار في مجال السمسرة: إما من خلال: تسويق منتجات هذه الصناعة (كالمخطوفين مثلا)، والخيارات متاحة، ما بين البيع للشركات المنافسة، أو الشركات الوسيطة، أو مباشرة للمستهلك (دولة المخطوف أو عائلته)
أو من خلال: توفير العمالة اللازمة لهذه الصناعة، وتأمين الدعم اللوجستي لها، كسيارات الخدمة، والسيارات المفخخة، والأحزمة الناسفة، والمواد الأولية لصنع المتفجرات، والمسدسات الكاتمة للصوت، وبنادق القناصة، والأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وأجهزة الرصد والتفجير، والسكاكين اللازمة للنحر والذبح وقطع الرقاب.
وللذين يتمتعون بمواهب فنية غير مذكورة أعلاه، يمكنهم الاستثمار في مجال الإعلان والترويج لهذه "الصناعة"، وجعلها وجبة يومية في حياة الناس، وإبراز فضائلها ومنجزاتها، وأهميتها في استنهاض همم المتخلفين ورفع معنوياتهم ومستوى معيشتهم. أو الاستثمار في مجال الدعاية والتعبئة لتوسيع قاعدة البنى التحتية اللازمة لتوطيد أركان هذه الصناعة، كنشر الجهل والأكاذيب والخرافات، والتغني بالسراديب، وتلميع صورة الأنفاق في عيون الجيل الصاعد، وإظهار بساطتها وجمالها وراحتها، وأهمية التمسك بها والمحافظة عليها، وترغيب من هجرها بالعودة إليها والإقامة فيها.
سعد الله خليل