بينما تتوجه كل العيون إلى السباق الانتخابي من أجل الوصول إلى البيت الأبيض، فإنه من المهم أيضاً أن ننتبه إلى أن هناك 34 مقعداً من جملة 100 من مقاعد مجلس الشيوخ، سيجري التنافس حولها، علاوة على مجموع مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 435 مقعداً تشملها المنافسات الانتخابية كذلك. وكما هو معلوم فإن الجمهوريين يسيطرون على كلا المجلسين ويتفوقون على الديمقراطيين بفارق مقعدين في مجلس الشيوخ ( للجمهوريين 51 مقعداً مقابل 48 مقعداً للديمقراطيين) أما في مجلس النواب فهم يتفوقون على الديمقراطيين بـ25 مقعداً (230 مقعداً للجمهوريين مقابل 204 مقاعد للديمقراطيين، إلى جانب مقعد واحد يشغله نائب مستقل). يذكر أنه كان قد قيل في وقت مبكر من هذا العام إن الجمهوريين لن يواجهوا أية تحديات في الحملة الانتخابية الحالية فيما يتعلق بهيمنتهم على كل من مجلسي الشيوخ والنواب. وينطبق هذا بصفة خاصة على مجلس الشيوخ، إذ يتوقع أن يواجه فيه الديمقراطيون عقبات كؤوداً يصعب تخطيها عليهم في المنافسات الانتخابية التي ستجرى في شهر نوفمبر المقبل.
ومما لا شك فيه أن للسيطرة على مجلس الشيوخ أهميتها طالما أنه الهيئة التي تصادق على من يعينهم الرئيس للمناصب المختلفة فضلا عن أنه الجهة التي تضع الأجندة التشريعية التي من شأنها تمرير أو عرقلة البرنامج الرئاسي، إلى جانب ما له من سلطات وصلاحيات واسعة في عقد جلسات السماع والتحقيق فيما يثار من ادعاءات حول تجاوزات المسؤولين التنفيذيين. ومن بين الـ 34 مقعداً من مقاعد مجلس الشيوخ المتنافس عليها هذا العام، فإن على الديمقراطيين أن يدافعوا عن 19 مقعداً، من بينها 5 مقاعد تقع في أقصى الولايات الجنوبية المحافظة وشديدة الولاء تاريخياً للجمهوريين. ما يصعِّب التنافس الانتخابي حول هذه المقاعد بصفة خاصة على الديمقراطيين، أنها "مقاعد مفتوحة" نتيجة لتقاعد النواب الذين كانوا يشغلونها. كل هذا يشير إلى أن للجمهوريين فرصة أفضل لإحكام هيمنتهم على مجلس الشيوخ أكثر من ذي قبل، وإمكان تفوقهم في الانتخابات المقبلة على الديمقراطيين دون خوض تحديات كبيرة.
غير أن الصورة تختلف نوعاً ما في هذه النقطة بالذات. إذ بدا واضحاً أن على الجمهوريين أيضاً أن يدافعوا عن أربعة "مقاعد مفتوحة" في كل من ولايات "إلينوي" و"ألاسكا" و"كولورادو" و"أوكلاهوما". ففي ولاية "إلينوي"، تمكن سيناتور الولاية الشاب "باراك أوباما" من إلهاب حماس الناخبين بشخصيته السياسية الجذابة، وبدا واضحاً أنه يبشر بمستقبل سياسي واعد، علاوة على ما يحظى به من تأييد واسع النطاق في أوساط الأميركيين الأفارقة المعروفين بتأييدهم للحزب الديمقراطي. وقد صعد نجم "أوباما" إثر مخاطبته للمؤتمر القومي للحزب الديمقراطي مؤخراً، وبدا واضحاً أنه يستطيع منافسة الجمهوريين في تلك الولاية، سيما وأن عوامل انتخابية عديدة حولت موازين الكفة الانتخابية لصالحه. أما في ولاية "ألاسكا"، فإن "توني نويلز"، حاكم الولاية الديمقراطي السابق، يحقق تقدماً طفيفاً على منافسته الجمهورية "ليزا ماركوفسكي"، العضوة الحالية في مجلس الشيوخ، التي كان قد عينها والدها في المنصب الحالي، إثر فوزه بمنصب حاكم الولاية في انتخابات عام 2002. وتنصيب "ماركوفسكي" لابنته في المنصب المذكور، كي تسد محله لمدة العامين المتبقيين من فترة عضويته في مجلس الشيوخ، لم يكن ليحظى برضا ناخبيه. وفي ولاية "كولورادو"، أظهرت استطلاعات الرأي العام التي أجريت هناك، أن المرشح الديمقراطي "كين سالازار" يحقق تقدماً طفيفاً إلا أنه منتظم على منافسه الجمهوري "بيت كوورز"، الذي كان قد سبق له أن واجه مصاعب وتحديات جمة في الجولة الانتخابية الأولى، علاوة على حداثة عهده بالسياسة وضعف خبرته العملية فيها. لكن وعلى رغم هذه الفرص الجيدة التي تلوح للديمقراطيين، فإن حظهم سيظل متأرجحاً، وقابلا للمد والجزر، حسبما تسفر عنه المنافسات التي ستجرى في الولايات الجنوبية الخمس: كارولينا الشمالية، وكارولينا الجنوبية، وجورجيا، وفلوريدا، ولويزيانا.
ونخلص من كل هذا المسح الانتخابي، إلى أن ما بدا يقيناً لا يقبل الشك بالنسبة لحظ الجمهوريين في المعركة الانتخابية المقبلة من مقاعد مجلس الشيوخ، ومن ثم السيطرة عليه، لكن وفيما لو تمكن الديمقراطيون من الفوز بمقاعد الجمهوريين الأربعة المفتوحة، وتمكنوا كذلك من الحفاظ على مقاعدهم الثلاثة بين المقاعد الخمسة المفتوحة في الولايات الجنوبية، فربما يتمكن الديمقراطيون من استعادة سيطرتهم مجدداً على مجلس الشيوخ. إنه لطموح كبير هذا، إلا أنه يجب مراقبة تحققه في شهر نوفمبر المقبل.