بدأ العام الدراسي الجديد في دول مجلس التعاون الخليجي دون أن يحدث أي تغيير أو تحديث لبرامج التعليم التي وعد بها قادة دول الخليج في دورتهم الرابعة والعشرين في الكويت في ديسمبر الماضي، حيث كان أهم قراراتهم هو محاربة الإرهاب وتطوير التعليم. وجاء الاختبار لنتائج القمة الخليجية في الصيف عندما بدأت العمليات الإرهابية في الرياض ولم تتوقف حتى هذه اللحظة.
لم يتصور قادة الخليج في محاولتهم لتطوير التعليم وتحديثه بمعارضة قوية من تيارات الإسلام السياسي التي رعتها دول التعاون ودعمتها مالياً ومعنوياً ولا تزال.
الشيخ صباح الأحمد الجابر رئيس مجلس الوزراء الكويتي اعترف بأن التعليم في بلاده هابط وأنه لم يتقدم منذ أكثر من ثلاثين عاماً.. فالتربويون في الكويت يرون بأن التعليم يحتاج إلى تعديل جذري وجوهري ولا يكتفي بتعديل المناهج فحسب بل كذلك في المؤسسات التعليمية العليا التي تخرج المعلمين، فهي الأخرى متخلفة للغاية ولا يرجى منها تخريج من لهم القدرة على التعامل مع التحديث المطلوب.
المعارضة لتحديث التعليم تأتي من تيارات الإسلام السياسي التي ترعاها دول الخليج وتتحالف معها طوال العقود الماضية، فنواب مجلس الأمة الكويتي يحذرون الحكومة من الرضوخ للضغوط الأميركية لتغيير مناهج التعليم.
في المملكة العربية السعودية، لجنة الحوار الوطني المكونة من 70 شخصية سعودية بارزة أوصت بضرورة إعادة النظر في مناهج وزارة التربية خصوصاً الكتب الدراسية، حيث تحتوي هذه الكتب على مواد معادية لروح العصر وتعاليم الإسلام السمحة. وقد عارض رجال الدين وخطباء المساجد في السعودية مقترحات مجموعة الحوار الوطني.
نتصور بأن حكومات الخليج خصوصاً السعودية والكويت قادرة على إنجاز مهمة تطوير التعليم إذا توفرت الإرادة السياسية، لكن هنالك مشاكل أخرى معقدة أكثر تعقيداً من المناهج نلخصها في النقاط التالية:
المشكلة الأولى التي ستواجه دول الخليج: من هي الجهة التي ستضع المناهج الجديدة المطورة؟ من هي الجهة المنوط بها إجراء التغيير؟ الكويت والسعودية على عكس قطر والبحرين والإمارات وعمان شكلت لجاناً حكومية كما جرت العادة سابقاً·· لن تغير المشكلة لأن سبب تردي التعليم يعود إلى المسؤولين في اللجان الحكومية.
المشكلة الثانية: من الذي سيقوم بإعداد المعلمين الأكفاء الذين سيقومون بتدريس المواد المطورة؟ مشكلتنا أن الجامعات الخليجية خصوصاً كليات التربية متخلفة وتحتاج إلى تطوير باعتراف المسؤولين في التعليم.
المشكلة الثالثة: هي أن مؤسسات التعليم خصوصاً في السعودية والكويت يهيمن عليها ويديرها جماعات الإسلام السياسي خصوصاً اللجان الخاصة بتطوير المناهج. هؤلاء لن يطوروا التعليم ما دام لا يخدمهم ولا يخدم مصالح الأحزاب السياسية الدينية التي ينتمون إليها.
يبدو أن دول الخليج العربية لم تطلع على تقرير التنمية الإنسانية العربية الذي أعدته الأمم المتحدة في عام 2003.. يكمن التحدي الأهم في مجال التعليم في مشكلة تردي نوعية التعليم المتاح، بحيث يفقد التعليم هدفه التنموي والإنساني من أجل تحسين نوعية الحياة وتنمية قدرات الإنسان الخلاقة، ومن أهم العناصر التي تؤثر بشكل حيوي في تحديد نوعية التعليم، سياسات التعليم ووضع المعلمين والمناهج وأساليب التعليم. إذا كانت دول الخليج فعلاً جادة في تطوير التعليم عليها الاستعانة بالخبرات الأجنبية المتقدمة في هذا المجال، وكفانا تسييساً للتعليم.