هل انتهى "الماراثون" التركي نحو أوروبا!؟


من صحف ومجلات باريس الصادرة هذا الأسبوع نتوقف في هذه الإضاءة الموجزة أمام قضايا دولية أبرزها حظوظ تركيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وموقف باريس من توسيع مجلس الأمن، والتحولات الحاصلة في الصين.


نفاق أوروبي


 تحت هذا العنوان جاءت افتتاحية صحيفة لوفيغارو ليوم الجمعة (أول من أمس)، وفيها تعرض رينو جيرار لما اعتبره نوعاً من المخاتلة والنفاق يطبع تحركات الاتحاد الأوروبي بخصوص انضمام تركيا تحت قيادة حزب العدالة والتنمية الإسلامي إلى صفوف الاتحاد. فعلى رغم ما يُزعم من "اعتدال" هذا الحزب بقيادة رجب طيب أردوغان، إلا أن ذلك لم يمنع المفوض الأوروبي المكلف بشؤون توسيع الاتحاد، الألماني جونتر فيرهوجن من إثارة مسائل داخلية تركية تتعلق بضرورة تعديل بعض مواد قانون العقوبات، أثناء مفاوضاته مع الأتراك، دون وضع للاعتبار بأن مسألة انضمام تركيا أصلاً تعارضها أكثرية المواطنين الأوروبيين من الأساس. ويذهب الكاتب اليميني أكثر من ذلك في اعتراضه على المكاسب الإيجابية التي وصل إليها الموقف التركي، ليؤكد أن ما يسوقه بعض المسؤولين الأوروبيين من حجج على ضم تركيا للاتحاد، غير مُقنع بل يصل أحياناً إلى حدود اللامنطقية. فمن ذلك مثلاً ما دفع به وزير الداخلية الألماني حين أكد أن "رفض انضمام تركيا سيحولها إلى إيران أخرى"، ولكن هذه – يقول الكاتب- حجة أيضاً على أنصار ضم تركيا، فدولة يمكن أن تتحول، تحت هذا الظرف أو ذاك إلى خصم للاتحاد الأوروبي، لا يجوز انضمامها إليه. وينهي الكاتب افتتاحيته بقوله:"إن الأميركيين على حق في دعمهم بكل ما لديهم من قوة لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. وذلك لأنهم يعرفون أن هذا الانضمام هو أفضل طريقة لتفجير الاتحاد من الداخل. خاصة أنهم يشعرون أن العملاق الأوروبي يشكل منافساً مستقبلياً محتملاً لهم، يمكن أن يهدد وضعهم كقوة عظمى وحيدة في هذا العالم". أما صحيفة لوموند فقد اهتمت بما سمته "أفق 2015" الذي وضعه الاتحاد الأوروبي كتاريخ مفترض لانضمام تركيا إليه، واعتبرت في مقال أرخت فيه للمسيرة الماراثونية التي يسير فيها الأتراك منذ عام 1959 نحو أوروبا أن ثمة علامات مشجعة الآن في الاتجاه الإيجابي بالنسبة لأنقرة.


توسيع مجلس الأمن


وفي مقابلة مع صحيفة ليبراسيون يحلل الجيوبوليتيكي الفرنسي فرانسوا جيريه أبعاد المطالبة بتوسيع مجلس الأمن الدولي، بالدعوة إلى ضم كل من ألمانيا واليابان والهند والبرازيل كأعضاء دائمين. ويرى أن حماس فرنسا وتأييدها لانضمام هذه الدول الغرض منه التأثير على البنية الحالية للمجلس التي تجد الولايات المتحدة نفسها فيها في وضع مريح للغاية، وحيث يتعين على باريس أن تتجشم وحدها عناء معارضة الأحادية الأميركية في المنتظم الأممي. فعندما تنضم هذه الدول فإن ذلك سيتيح قدراً أكبر من أسباب التوازن، بحكم كونها ممثلة لقارات ومجموعات إقليمية مختلفة. ولكن جيريه مع ذلك لا يفوِّت فرصة الإشارة إلى الحزازيات التي ظهرت من الآن احتجاجاً على انضمام هذه الدول كلاً على حدة في أوساط دول إقليمية أخرى ذات تماسٍّ معها في المصالح. فمثلاً لا ترتاح الصين لرؤية القوتين الآسيويتين المنافستين، اليابان والهند، تصبحان على قدم المساواة معها في مجلس الأمن، كما أن لإيطاليا اعتراضات على إعطاء ألمانيا عضوية دائمة بدلاً منها، وفي المقابل ترفض المكسيك والأرجنتين ودول أميركية جنوبية أخرى أن تمثل القارة اللاتينية في مجلس الأمن من طرف البرازيل التي لا تتحدث باللغة الإسبانية. وعن سبب عدم إدراج أية دولة إسلامية على لائحة الدول المرشحة للعضوية الدائمة يرى جيريه أن السبب هو صعوبة اختيار دولة إسلامية معينة لهذا الغرض، وإن كانت أندونيسيا تبدو الدولة الأقرب إلى الذهن. إلا أن باريس لا تريد أن يلعب الانتماء الديني أو العرقي دوراً في هذا المجال، حسب عبارته، وإن كان يرجح رغم كل هذا أن إدارة بوش ستنجح في تقويض مساعي توسيع المجلس من الأساس.


ثورة جديدة في الصين؟


 هل تشهد الصين قريباً ثورة يقودها أصحاب الياقات الزرقاء بقيادة زعيمها الجديد "هو جينتاو"، وعلى نحو يسمح بتجاوز تقاليد الحزب الشيوعي الحاكم منذ أكثر من نصف قرن؟ هذا هو ما يسعى الكاتب المعروف ألكسندر أدلر للإجابة عليه في مقال نشره في صحيفة لوفيغارو تحت عنوان:"فرص التقدم للحرية في الصين". ويرى أدلر أن قائد الصين الجديد يعطي الانطباع بأنه سيكرس حالة سياسية جديدة لا تعلن تنكرها لمبادئ الحزب الشيوعي ولكنها في الوقت نفسه تفارق ممارساته وتقاليده. والأرجح أن تسود الحزب حالة تجعله شبيهاً بحالة "الحزب الثوري الدستوري" في المكسيك، حيث يكون في مقدور القوى السياسية المختلفة أن تمارس تقديم الحلول والأطروحات الأشد،