هو جينتاو: الصورة الشخصية لأصغر الزعماء وخيارات الصين؟!


 تسلم "هو جينتاو" قيادة الجيش الصيني خلفاً للرئيس السابق "جيانغ زيمين" الذي استقال من آخر مناصبه على رأس اللجنة العسكرية خلال مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني الأسبوع الماضي، منهياً بذلك عملية نقل السلطة إلى خليفته "جينتاو" فيما يمثل نقطة انعطاف بارزة في تاريخ الصين المعاصر. وإذا كان تقاعد "زيمين" وقبوله مغادرة مقاعد السلطة، ومعه أعضاء قياديون من جيله، يمثل أول عملية انتقال هادئ للسلطة في الصين منذ نصف قرن، فإن صعود "جينتاو" إلى الإمساك بسدة الرئاسة يعد سابقة تضع لأول مرة قيادة الصين الشيوعية في يدي شاب ينتمي إلى جيل جديد من الإصلاحيين.


 فمن هو الرئيس "جينتاو"؟ وهل سيمكنه الاحتفاظ بنمو الاقتصاد الصيني، والدفع في الوقت ذاته نحو إصلاحات جديدة؟ يمثل "جينتاو" الجيل الرابع من القادة السياسيين في جمهورية الصين الشعبية، وقد أمضى كل حياته السياسية في الحزب الشيوعي الصيني منذ انضم إلى تكويناته القاعدية عام 1964. لكن لا أحد يعرف الكثير عن حياة "جينتاو" وشخصيته.


وإن كان المؤكد أنه مولود عام 1942 لعائلة مارست زراعة وتجارة الشاي في "شانغهاي" حيناً من الوقت، فإن المعلومات متضاربة حول مكان ولادته، فهو رسمياً ينحدر من "جيكسي" موطن أجداده في إقليم "أنهوي"، لكنه وفقاً لسيرة ثانية من مواليد "شانغهاي"، بينما تفيد سيرة ثالثة بأنه ولد في إقليم "جيانسغو" حيث ترعرع هناك بالفعل. أما دراسته الجامعية فكانت خلال الفترة بين 1959 و1964 بجامعة "تسينغهاو" في بكين حيث التقى حينئذ زوجته "ليو يو غينكغ" التي أنجب منها ابناً وابنة بعد تخرجه مهندس طاقة مائية، وعندها تولى منصباً متوسطاً في نفس الجامعة، لكنه سرعان ما غادرها إبان الثورة الثقافية في عام 1966 ليعمل فني بناء سدود في إقليم "غاستو" الفقير، وفيما بعد أصبح رئيس اللجنة المحلية للبناء في الإقليم، وترقى في سلم الرتب الحزبية إلى أن انتخب رئيساً لرابطة الشباب الشيوعي في عام 1984، ثم أصبح في العام التالي أصغر زعيم إقليمي سناً في الصين، فتولى قيادة الحزب في التيبت عام 1988 وهناك أحكم قبضته على حركة التمرد التي شهدها الإقليم في العام التالي ليكافأ بنيل عضوية المكتب السياسي للحزب أثناء مؤتمره الوطني في أكتوبر عام 1992.


وعرضت في الأشهر الأخيرة صورة للزعيم "دينغ شيابينغ" وهو يصافح "جينتاو" بحرارة أثناء ذلك المؤتمر، مما يشير إلى أن "دينغ" باعتباره الرئيس الأعلى في ذلك الحين قد قرر اختيار "جينتاو" لخلافة "زيمين"، وبالفعل أصبح "جينتاو" نائباً لـ"زيمين" في رئاسة الدولة عام 1998، وفي السنوات اللاحقة أصبح نائبه أيضاً في رئاسة اللجنة المركزية العسكرية ثم في أمانة الحزب. وتتويجاً لتلك الخطوات، انتخب "جينتاو" بلا منافس في 15 أكتوبر 2002 أميناً عاماً للحزب خلفا لـ"زيمين"، فأصبح الأمين العام الأصغر سناً في تاريخ الحزب منذ تأسيسه قبل 80 عاماً. ثم تم اختياره أيضاً في 15 مارس 2003 ليصبح تاسع رئيس دولة للصين الشعبية منذ تأسيسها عام 1949، حيث انتخبه البرلمان كمرشح وحيد لولاية مدتها خمس سنوات. ويعتبر "جينتاو" صاحب رؤية إصلاحية، ونقل عنه في مرات عديدة رغبته في تكييف الحزب مع التغييرات غير المسبوقة في المجتمع، وفي جعل الحكم أكثر شفافية وخضوعاً للمساءلة، وتعهد مراراً كذلك بالمضي قدماً في الإصلاحات الاقتصادية، خاصة أن المناصب التي أصبح يجمعها منذ الأحد الماضي، ستتيح له تنفيذ برنامجه السياسي لإصلاح الحزب ومؤسسات الدولة بحرية أكبر. فصعود "جينتاو" ارتبط بإدخال إصلاحات جديدة مهمة في الحزب الذي وافق مؤتمره السادس عشر في نوفمبر 2002 على تعديل ميثاقه كي يتمكن الرأسماليون من الانضمام إلى جميع هيئاته. وقبل أسابيع قليلة على ذلك التعديل وصفت صحيفة "الشبيبة الصينية" التي تنشرها الرابطة الشيوعية للشباب بزعامة "جينتاو"، الوضع في الصين بأنه "خطير للغاية"، قائلة إن عدم قدرة الحزب على مواكبة التطورات ستؤدي إلى فقدان مصداقيته لدى الشعب.


لقد استطاع "زيمين" أن يرقى بالاقتصاد الصيني في عام 2001 ليصبح الثاني عالمياً بعد اقتصاد الولايات المتحدة، وأن يرفع متوسط دخل الفرد إلى 4300 دولار في السنة، وأن يحقق زيادة في الدخل القومي بمعدل 7.3% سنوياً، كما طرح في عام 2000 نظريته الثلاثية حول إصلاح الحزب والدولة... أما "جينتاو" فيتعين عليه حل مشكلات تفوق في تعقيداتها قوة كلماته وأفكاره الإصلاحية، وتشمل هذه المشكلات تزايد البطالة، وانتشار الفقر في الريف، وتدني مستوى دخول المزارعين، ومعضلة التلوث البيئي، والحاجة المتزايدة إلى المواد الأولية، وتدهور النظام المصرفي، والتفاوت في التنمية بين أقاليم الصين وفي دخول المواطنين، إضافة إلى مشكلة الديمقراطية التي تتفاقم مع زيادة الانفتاح الخارجي، والوهن الذي يعتري المستويات التنظيمية للحزب، وال