نقترح على وزارة التربية والتعليم ابتداء من السنة القادمة وضع برنامج زمني على غرار الجدول الدراسي تحدد لجميع المدرسات الأوقات المناسبة لحملهن، على أن يعمل الأزواج على تنفيذ هذه الخطة على زوجاتهم المعلمات وتعيين مشرفين لمتابعة هذه القضية الجوهرية، التي أخرجت الأفكار الإبداعية إلى حيز التطبيق.
وبهذا الأسلوب تتخلص التربية من أزمة خانقة تلاحقها فالحمل والولادة جزء من ممارسة المرأة لوظيفتها الفطرية ولو جاءت التربية اليوم لمحاربتها كما تحارب الصين كثرة النسل باكتفائها بظاهرة الطفل القنبلة والعودة إلى عصر الوأد.
والأغرب أن هذا القرار غير التربوي صادر من جهة تتولى تربية الأبناء وتعلم تحديد النسل التربوي لأمهاتهم، فقد أرادت التربية منذ مدة لعلاج ذات المشكلة أن تفرض قيوداً على تعيين المدرِّسات ووضع شرط سن اليأس في استمارة التعيين، بحيث لا تدخل إلى الميدان التربوي إلا من ثبت بالأدلة القطعية أنها وصلت إلى سن انقطاع الطمث، ولو زادت على ذلك بإزالة الرحم من الأصل لكان ذلك هو الأفضل. إلا أن التربية والتعليم لم تجرؤ على اتخاذ هذا القرار الخطير، في العلن وإن ناقشته في السر مع بعض من يهمه رفع شأن المعلمة في المجتمع.
فلم نسمع عن هذه العجائب التي وصفها الشاعر "يا زمان العجائب ويش بقى ما ظهر، كلما قلت هانت جد شين جديد، إن حكينا ندمنا وان سكتنا قهر... " إلا في مجتمع بحاجة ماسة إلى كل مولود يساهم في إعادة التوازن إلى تركيبته المقلوبة على رؤوسنا.
ففي السويد تعطى الموظفة الحامل إجازة لمدة ثلاث سنوات من أجل تشجيعها على الإنجاب وخوفاً من انقراض نسلها ومن ثم ذهابها طي النسيان. وفي كندا تعتبر ربة البيت التي تركت الوظيفة من أجل تربية أبنائها والاهتمام بهم لصالح الوطن جزءاً لا يتجزأ من القوى العاملة وإن لم تقم بأعباء وظيفية مباشرة، بل إنها قامت بحساب التكاليف المالية وأثبتت من خلالها مساهمتها الفعالة في الاقتصاد الوطني بطريقة غير مباشرة.
فعلى وزارة التربية إدارة قضاياها بطريقة بعيدة عن نبرة تلاعب المعلمات بورقة الحمل، فهل يعقل أن تعرض إحدى المعلمات على التربية التخلص من الجنين مقابل التعيين، ففي هذا الطلب دلالة واضحة على الإسفاف في التعامل مع قضية فطرية لا يعترض عليها أحد في العالم أجمع، فهل يصح التخلص من الجنين من أجل الوظيفة إذا كانت الحاجة إلى الوظيفة أهم من الجنين؟ فالتربية بقرارها الأخير أجابت على ذلك.
حسب علمنا فإن المهنة الوحيدة التي يشترط فيها أثناء التعيين عدم الحمل أو حتى الزواج بالنسبة للمرأة هي وظيفة مضيفة الطيران وذلك لأسباب لا علاقة لها بقضايا التربية ولا التعليم. مع ذلك هناك من النساء من يفضلن الولادة والحمل على العمل في مثل تلك المهنة لوجود شرط يصعب تطبيقه على المدى المتوسط من عمر الفتاة العاملة في هذا المجال.
فميزان التربية بدأ يختل عندما تعمقت في فرض قوانين ولا نقول شروطاً تخالف أبسط معاني الحياة الإنسانية وهي المطالبة أولا برعاية هذا الجانب. فالحل الأمثل لن يكون في بتر النسل ولكن في مراجعة النظام التربوي والتفكير في ما هو الأفضل للمرأة العاملة في دولة الإمارات فبربط أرحام النساء لن تجني التربية منه غير الأمرّين.