تمثل المرأة في حياتنا الإنسانية أهمية كبيرة، وتلعب دوراً رئيسياً مهماً وخطيراً في عملية التنمية، باعتبارها الشريك الأساسي في حركة التطور والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والثقافية والسياسية، لأنها نصف المجتمع بل إنها في تصوري المجتمع بأكمله. لذلك فإن أهداف التنمية الشاملة لا تتحقق في أي مجتمع إذا لم تشارك المرأة فيه بدورها الطبيعي. وهناك علاقة عضوية قوية ومتشابكة بين مفهوم التنمية والتقدم وحركة التغيير الاجتماعي وبين مشاركة المرأة في قوة العمل داخل المجتمع. والمرأة الإماراتية هي أهم عناصر المجتمع الفاعلة والمؤثرة التي لعبت دوراً رئيسياً ومهماً في حركة التنمية والتغيير بالدولة، حيث شاركت الرجل منذ بداية تكون الدولة في تحقيق أهم المنجزات الحضارية التي ارتكزت عليها الدولة الاتحادية في مسيرتها. ويكفي أن صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" أكد على أهمية هذا الدور الذي تقوم به المرأة الإماراتية حيث قال سموه:"إن الجهد الذي تقوم به المرأة في الإمارات جهد كبير ومشرف ويستحق كل التقدير انطلاقاً من أهمية مشاركة المرأة في نهضة المجتمع، خاصة أن الإسلام شجع المرأة على العمل والمشاركة في البناء. فالإسلام كرّم المرأة واحترمها وأعطاها مكانتها اللائقة، وعليها أن تتخذ من أمهات المؤمنين أسوة لها في كل ما تأتيه في حياتها من أعمال وتصرفات. وإنني أشجع عمل المرأة في المواقع التي تتناسب مع طبيعتها وبما يحفظ لها كرامتها كأم وصانعة أجيال. ولابد أن تمثل المرأة بلادها في المؤتمرات النسائية بالخارج لتعبر عن نهضة البلاد وتكون صورة مشرفة لنا ولمجتمعنا الذي أعطاها كافة الحقوق".
وعلى الرغم من أن دستور الدولة نص على العديد من المواد التي تكفل للمرأة حقوقها والتي تشير بوضوح إلى مدى اهتمام الدولة بالمرأة، وقانون العمل الذي أشار بصراحة في بعض مواده إلى الكثير من القوانين التي تحمي حقوق المرأة العاملة، وقانون الخدمة المدنية الذي قدم للمرأة الكثير من الامتيازات وراعى ظروفها الوظيفية والخاصة التي قد تتعرض لها المرأة وخاصة فيما يتعلق بإجازة الوضع، إلا أن ما حدث بخصوص منع المعلمات الحوامل من العمل في التربية يؤكد تماماً أن هناك رؤية قاصرة في فهم دور المرأة وأهميته. وإذا كانت هناك مشكلات يشعر بها أصحاب القرار فلا يجب أبداً أن يكون حلها على حساب مصلحة المرأة وحقوقها، بل هناك ألف وسيلة وطريقة يمكن ابتكارها بواسطة العقول الإدارية المفكرة والقادرة على ابتكار الحلول البديلة. وأقولها بصراحة إذا كانت التربية غير قادرة على حل مشكلة صغيرة مثل هذه المشكلة، فماذا بخصوص موضوع الرضا الوظيفي للمرأة العاملة في التربية والذي تشير بعض الدراسات إلى أن المرأة العاملة في التربية تعاني من مشكلات عديدة. وهذا أمر كشفت عنه دراسة منشورة صادرة عن إدارة المعلومات والإحصاء والبحوث المؤسسية في وزارة التربية والتعليم تحت عنوان "الرضا الوظيفي للمواطنة العاملة في وزارة التربية والتعليم والشباب مقارنة بمثيلاتها في وزارتي الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية". حيث أشارت نتائجها إلى أن المرأة العاملة في وزارة التربية كانت أقل رضىً وظيفياً من المرأة العاملة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة، حيث بلغت نسبة الرضا الوظيفي في التربية 65.4% بينما في وزارة العمل وصلت إلى 80% ووزارة الصحة 8.8%. وأوضحت الدراسة أن هناك العديد من المؤثرات التي تتعرض لها المرأة العاملة في التربية والتي لها دور مؤثر في إضعاف حالة الرضا النفسي والوظيفي عندها، وهذا طبعاً ينعكس مباشرة على سير العملية التعليمية بأكملها، وأهم هذه المؤثرات إرهاقها بكثرة الحصص- قصر إجازة الأمومة- عدم مراعاة ظروفها الإنسانية مثل مرض الأم أو الأبناء أو ظروف طارئة - ضعف الراتب - كثرة الأعباء في العمل- عدم وجود حوافز تشجيعية وغياب الترقية وعدم إشراكها في اتخاذ القرار. نحن هنا ندافع عن حقوق المرأة في الدستور وقانون العمل وقانون الخدمة المدنية والاتفاقيات الدولية المعقودة بين الدولة والمنظمات الدولية الخاصة بالعمل وحقوق الإنسان، وأي تفريط أو تساهل في الدفاع عن هذه الحقوق معناه أن المرأة في الإمارات سوف تواجه في المستقبل مشكلات كثيرة وكبيرة في حياتها الاجتماعية والوظيفية.