على ضوء ما ورد عن أبومصعب الزرقاوي في صحيفة "الحياة" يوم 10-9-2004، حول برنامجه تجاه ما يحدث في منطقة الخليج، قال أحد تابعيه أو مؤيديه، إن الهدف من القتال في العراق هو أن يكون مدخلاً لاستراتيجية، والطموح هو توسع القتال ليشمل منطقة الخليج كلها، وذلك من خلال إقامة حكم إسلامي في العراق بعد طرد الأميركان، ثم الانتقال بعد ذلك إلى بقية الدول الخليجية باعتبار هذه الأنظمة بعد إسقاطها نقطة انطلاق لإنقاذ بيت المقدس من خلال إقامة الدولة الإسلامية المزعومة.
سؤالنا: ما هو المنطق في مثل هذه التصريحات؟ من الواضح أن "الزرقاوي" لا يعرف أي شيء في مفاهيم الدولة المعاصرة حيث يعتقد أنه بالإمكان إزالة الدولة القائمة من خلال العنف و"الإرهاب"، متجاهلاً حقيقة أن جماعة الإخوان المسلمين التي قامت منذ عام 1927 وسعت للوصول إلى السلطة سواء في مصر أو غيرها، قد فشلت فشلاً ذريعاً، وها هي الآن تستجدي الحكومات من أجل إقامة حوار ولم تحصل عليه، كذلك الأمر مع جماعة حزب التحرير. بل إنه حتى الجماعات "الإرهابية" الأوروبية مثل الألوية الحمراء في إيطاليا و"بادر ماينهوف" في ألمانيا وجماعات العنف في اليابان وأميركا اللاتينية كلها انتهت إلى لا شيء. وبقيت الدولة قائمة وقوية، وبالتالي لن يتمكن "الزرقاوي" أو غيره من استخدام العنف لإقامة دولته الإسلامية المزعومة. وبالتالي فإن ما يمارسه هذا "الإرهابي" المجرم من أعمال قتل وتدمير وذبح وتشريد للأبرياء ليس سوى زوبعة في فنجان قد تثير عدم الاستقرار المدني في العراق مؤقتاً دون الوصول إلى أية نتيجة. ولينظر "الزرقاوي" إلى الجيش الأيرلندي السري في "بلفاست" الذي نشر "الإرهاب" والقتل والتفجير في بريطانيا ضد الأبرياء والمدنيين واستسلم في النهاية وجلس على طاولة المفاوضات. ومصير "الزرقاوي" وجماعته "الإرهابية" حتماً سيكون إما القتل أو السجن، لأنه لا يستطيع أي فرد أو جماعة تؤمن بالعنف و"الإرهاب" إقامة دولة مستقرة، والدليل على ذلك ما حصل لحكومة "طالبان" في أفغانستان. المجتمع الدولي في عصر العولمة ما عاد يسمح لمثل هذه الألاعيب "الإرهابية" مهما تسترت بالدين أو القومية المتطرفة أو الطائفية البغيضة، ولن يكون "الزرقاوي" أقوى من "هتلر" ولا أكثر دموية، وبالتالي سيكون مصيره ليس أفضل من مصير "هتلر".
ماذا يعني ذلك لدول الخليج العربية؟ يعني في المقام الأول والأخير الوقوف مع الحكومة العراقية الشرعية ودعم الدور الأميركي في العراق، الساعي إلى محاربة "الإرهاب" الدولي في المنطقة وإقامة دولة ديمقراطية. من جانب آخر يجب أن يكون للدول العربية موقف حازم من مثل هذا "الإرهاب"، ليس على المستوى الأمني بل على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والعلمي، إذ من الواضح أن الجماعات الدينية بشكل عام، والصامتة عن نقد هذه العمليات "الإرهابية" تساهم ولا شك بدور سلبي داخل مجتمعاتها، الأمر الذي يقتضي القيام بنشر ثقافة التسامح الاجتماعي والديني وإقامة الحوار بين مختلف فئات المجتمع المدني بعيداً عن أية تشنجات طائفية أو عرقية.