لا "للمتاجرة" بالحريات لتحقيق الأمن... والمسلمون المعتدلون أفضل حليف لواشنطن


طغت الذكرى الثالثة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر على اهتمامات الصحافة الأميركية هذا الأسبوع، وفي غضون ذلك ثمة دعوة لتعديل "القانون الوطني"Patriot Act، وتذكير بفشل أجهزة الاستخبارات في منع هجمات نيويورك وواشنطن، ورفض استراتيجية الحرب الاستباقية.


سياسة فاشلة


تحت عنوان "الحرب الوقائية استراتيجية فاشلة" نشرت "نيويورك تايمز" يوم أمس الأحد افتتاحية انتقدت خلالها دعوة نائب الرئيس الأميركي "ديك تشيني" إلى شن مزيد من الحروب الوقائية لمواجهة أخطار افتراضية كتلك التي كانت قائمة في العراق. الصحيفة ترى أن هذه الاستراتيجية دخلت أول اختباراتها الحقيقية في العراق، فالرئيس بوش قذف الرعب في قلوب ملايين الأميركيين بجعلهم يعتقدون أن تغيير النظام العراقي بالقوة هو الطريقة الوحيدة التي من خلالها يضمن الأميركيون عدم وصول أسلحة صدام غير التقليدية إلى تنظيم "القاعدة"، لكن تبين بعد ذلك أنه لا يوجد لدى العراق مخزون من هذه الأسلحة وأنه لا توجد علاقة بين صدام حسين وإرهاب "القاعدة" الموجه ضد الولايات المتحدة. وفي غضون ذلك أضعفت الحرب التحالفات الدفاعية التي أبرمتها واشنطن منذ عقود، وأصبح عدد كبير من القوات الأميركية مقيداً في العراق وربما تبقى هذه القوات لسنوات طويلة. الدرس الحقيقي من الحرب الأميركية على العراق يتمثل، حسب الصحيفة في أن واشنطن عرضت جيشها ودبلوماسيتها للخطر عندما ورطت نفسها من دون حكمة في تعقب أعداء افتراضيين، والنتيجة أن العرب والمسلمين باتوا ينظرون إلى أميركا على أنها قوة معتدية، ناهيك عن أن هذه الحرب الاستباقية تسببت في مقتل جنود أميركيين تحتاجهم واشنطن لمواجهة تهديدات حقيقية خطيرة خلال العقود المقبلة.


"أنقذوا الإسلام من الإرهابيين"


تحت هذا العنوان نشرت "كريستيان ساينس مونيتور" يوم الجمعة الماضي افتتاحيته أشادت خلالها بتنديد المسلمين بعملية اختطاف الصحفيين الفرنسيين في العراق، وأثنت على القادة المسلمين كونهم أدانوا عملية "بيسلان" الإرهابية التي وقعت في جمهورية أوسيتيا الشمالية التابعة لروسيا الاتحادية. في الواقع، فإنه بعد الحادي عشر من سبتمبر يخطو المسلمون، حسب الصحيفة، خطى متسارعة لإنقاذ سمعة الإسلام ليبقى ديناً قائماً على التسامح. وترى الصحيفة أنه ليس هناك حليف للولايات المتحدة وحلفائهما في الحرب على الإرهاب أفضل من المسلمين المعتدلين الذين يؤكدون على قيم الإسلام السمحة، كما أن فشل أعضاء تنظيم "القاعدة" يعود بالأساس إلى مقاومة المسلمين لرؤاهم المتمثلة في استخدام القوة لتدشين تجمع إسلامي عالمي يخضع لقيادتهم.


"ديماغوجية" تشيني


"بإطلاقه يوم الثلاثاء الماضي تصريحات مفادها أن الناخبين الأميركيين سيعززون من فرص تعرض الولايات المتحدة لهجوم إرهابي جديد إذا ما صوتوا لصالح المرشح الديمقراطي جون كيري، يكون ديك تشيني قد تجاوز الخطوط الفاصلة بين الأخلاقيات الديمقراطية والديماغوجية التي تشوه العمل السياسي في مناطق متفرقة من العالم"، بهذا النقد اللاذع استهلت "بوسطن غلوب" افتتاحيتها يوم الجمعة الماضي والتي عنونتها بـ"تهديد تشيني" لتصف تصريحات نائب الرئيس الأميركي بأنها ليست خاطئة وتحمل في طياتها افتراءات فحسب، بل إنها غير منطقية، كونها تتناقض مع تصريحات سابقة أدلى به ضمن حوار متلفز لشبكة Fox News في مايو2002 جاء فيه إنه يعتقد أن:"التوقعات الخاصة بتعرض الولايات المتحدة لهجمات إرهابية جديدة بحجم الحادي عشر من سبتمبر مؤكدة تقريباً". "تشيني" يدّعي أيضاً أن الناخبين الذين سيصوتون لصالح "كيري" سيتحملون المسؤولية عن وقوع هجوم إرهابي جديد، وهو ما تراه الصحيفة محاولة لجعل عامة الأميركيين يتناسون فشل إدارة بوش في منع وقوع هجمات سبتمبر، وفشلها في الانتباه إلى تحذيرات تتعلق بنية تنظيم "القاعدة" شن هجمات داخل الولايات المتحدة.


جدلية الأمن وحماية الحريات


في معرض تعليقها على الذكرى الثالثة لهجمات11 سبتمبر، وتحت عنوان "المتاجرة بالحريات لصالح الأمن" نشرت "لوس أنجلوس تايمز" يوم الجمعة الماضي افتتاحية أشارت خلالها إلى أن ثمة خسارة أخرى تضاف إلى خسائر أميركا البشرية والمادية التي تكبدتها جراء هذه الهجمات الإرهابية ألا وهي تآكل الحقوق المدنية، ذلك أن الحريات العامة تأثرت جراء "القانون الوطني" Patriot Act الذي مدّ السلطات الأميركية بصلاحيات غير مسبوقة للتطفل على البيانات الشخصية، كما أن أجهزة الأمن تستطيع بموجب القانون الإطلاع على البيانات الصحية والمالية لكثيرين دون أن يكون لديهم علم بذلك، ناهيك عن أن