الولايات المتحدة قبل أحداث 11 سبتمبر 2001 الدموية تختلف عنها اليوم، وخصوصاً أن متغيرات كثيرة تغيرت في عالمنا المعاصر ومن أهمها استعمال الولايات المتحدة قوتها العسكرية الهائلة لتغيير الحركات والدول التي تعتبرها معادية لها. ومما لا شك فيه أن النفوذ والهيمنة الأميركية في المنطقة قد ازدادا بعد الأحداث خصوصاً بعد تحرير العراق في أبريل عام 2003. هنالك إيجابيات وسلبيات كثيرة خلقتها أحداث 11 سبتمبر، وأولى الإيجابيات هي أننا في الخليج اكتشفنا مدى قوة ودقة تنظيم الحركات الأصولية الإسلامية، ومدى تأثيرها ونفوذها على الشباب في منطقتنا. لقد حذرت الولايات المتحدة دول الخليج بأن الإرهاب سوف يمتد إلى بلدانها إذا لم تتخذ بعض الخطوات الأساسية في محاربة الإرهاب من جذوره، لكن دول الخليج كانت بطيئة وغير مصدقة بأن الإرهاب يمكن أن يطول دولها، فجاءت أحداث مايو وتفجيرات الرياض والكثير من مناطق السعودية لتعجل من الخطوات المهمة لمكافحة الإرهاب.
دول الخليج اليوم اتخذت منحىً جديداً في سبيل تغيير مناهجها، بعضها بدأ فعلاً بالتغييرات الجذرية للمناهج التعليمية، حيث استعانت بخبرات دولية وشركات متخصصة ومؤسسات تعليمية عريقة لإجراء التغييرات. المناهج الجديدة سوف تكسب شبابنا مهارات وتبني سلوكيات تحترم التعددية الفكرية وتركز على التسامح وتبتعد عن الغلو والتشدد والتطرف وتفتح المجالات على ثقافات الآخرين. دول الخليج كذلك اتخذت سياسات انفتاحية سياسياً واقتصادياً تجاه شعوبها، فلقد بدأت عملية الديمقراطية والانتخابات في أكثر من دولة خليجية مثل البحرين وقطر وعمان، وجرت تحولات إيجابية وحوار وطني في السعودية والإمارات.
ومن أهم السلبيات هي أن دول الخليج رغم أحداث 11 سبتمبر وازدياد نفوذ الحركات الأصولية المتشددة وبدء بعض العمليات الإرهابية في دول الخليج مثل الكويت والسعودية والبحرين، إلا أن الأنظمة لا يزال تحركها بطيء جداً في إجراء التغييرات الإصلاحية المطلوبة. فالأنظمة الخليجية لا تزال مترددة في إجراء التغييرات الديمقراطية المطلوبة في بلدانها.
ما هو الجديد بالنسبة لنتائج 11 سبتمبر على دول الخليج بعد تحرير العراق؟
الجديد هو أن الأصولية الإسلامية برزت بقوة في العراق العلماني سابقاً. هذه الأصولية المتشددة التي يدعمها ويمولها الإسلام السياسي لا تعادي التواجد الأميركي في العراق فقط، بل امتدت كراهية هذه التجمعات الأصولية لتشمل دول المنطقة ككل. الأصولية الجديدة في العراق تمادت في عملياتها الإرهابية، بحيث خلقت لها أعداء جدداً من كل بقاع الأرض. فبعد مقتل الأبرياء من كوريا واليابان ونيبال ومصر، واختطاف الصحفيين والغربيين الذين يعملون في المشاريع الإنسانية، يتعزز دعم التحركات الأميركية في محاربة الإرهاب الدولي. جريمة قتل الأطفال في روسيا دفعت الحكومة الروسية إلى ملاحقة الإرهابيين في كل مكان، وتحرير العراق كشف بشكل واضح أنه لا يمكن التمييز بين الجماعات الجهادية التي تدير الإرهاب في السعودية والعراق والحركات الإسلامية الرئيسية، حيث اعتبر العنف القاعدة المشتركة لكلا الطرفين من أجل الاستيلاء على السلطة وإقامة دولة ثيوقراطية-دينية. علينا جميعاً دعم السياسة الأميركية في حملتها ضد الإرهاب وإلا لن ننعم بالأمن والاستقرار في منطقتنا.