يوم الحادي عشر من سبتمبر، يوم الكارثة الإنسانية، يوم أخرج الإرهاب أثقال غله وحقده ليزلزل الأرض زلزالا، ويصيب الحضارة البشرية بأبشع الانكسار والانحدار، والدخول في الحضيض، وليوجه ضربته القاصمة التي عصفت بالإسلام والمسلمين قبل غيرهم· ولم يدرك أولئك الإرهابيون، سكان الكهوف وشقوق الجبال أنهم بهذا الفعل الشنيع وتصرفات الغاب، إنما أعادوا الإنسانية مسافة قرون مضت، وأسبغوا غشاوة الجهل والتخلف على بريق الحضارة والتقدم، وأطاحوا بأجمل ما يميز الإنسان عن سائر الكائنات الأخرى·· في الحادي عشر من سبتمبر برهن هؤلاء الأوغاد أن الإسلام ليس مطيَّة عرجاء يقودها كل مأفونٍ ومشردٍ وعاجزٍ وقاصر لا يملك من المقومات سوى رغبة إراقة الدماء وإزهاق الأرواح، والفتك بالأبرياء، هؤلاء الذين هيضوا جناح الفكر الإسلامي، ووضعوا المسلمين في مأزق التهم ودائرة الخطر التي تطول القاصي والداني منهم·
فالإسلام الذي نعرفه، والذي نحن منه وإليه، ننصاع ونطيع تعاليمه السمحة، ونسير على خطاه ودرب الأولياء الصالحين الذين شيدوا أروع الحضارات وأناروا الطريق أمام العالم، يوم كان العالم يغط في سبات عميق، أما اليوم وبعد أن مضى على الرسالة المحمدية أكثر من ألف وأربعمائة عام، والعالم شرقه وغربه يستظل بظل الرايات المستنيرة، يريدنا هؤلاء الشذاذ أن نتخلى عن سماحة ديننا، وفصاحة كتابنا الكريم، لندخل في فداحة تجريم الآخر، وتحريم احترامه، هؤلاء يريدون للإسلام أن يخرج من كهوفهم المظلمة وغبار أفكارهم المعتمة، ونثار قيمهم المعدمة ويقولون للآخر نحن ومن بعدنا الطوفان·
نقول لهؤلاء من السهل على الإنسان أن يدمر وطناً بكامله إذا ما ارتكب جريرة الشيطان واعتقد أنه حصان النجاة، لكن ليس من السهل أن يعمر بيتاً في وطن إلا إذا ما امتلك شجاعة التصالح مع النفس أولاً، ومع الآخر ثانياً، فما بين العمار والدمار شعرة، وهي شعرة العقل والمنطق السليم، وهؤلاء اختاروا الشذوذ والانحراف، فشذوا وحيدوا العقل، والعالم منهم براء·· والحرب سجال، ولابد أن ينتصر العقل على اللاعقل، والشواهد أمامنا كثيرة·