بعد أن بدأت "هيلين هاراميناك" التي تقطن في منطقة "سانت كلير شورز" بولاية ميتشيجان، والبالغة من العمر 53 عاماً تعاني من أعراض انقطاع الحيض، والتي تمثلت في شكل نوبات من الحمى يصل عددها إلى 15 نوبة في اليوم كانت تدفعها للتجوال في منتصف الليل وقد غرقت ثيابها في العرق، بالإضافة إلى معاناتها من عدم القدرة على النوم المنتظم. أدركت أنها في حاجة إلى مساعدة طبية، ولكنها أدركت أيضاً أن هناك مشكلة فيما يتعلق بعلاجها الهرموني، وهو العلاج المعتاد للأعراض التي تعاني منها النساء بعد انقطاع الطمث، والذي ربطت الدراسات بينه وبين إمكانية تعرضهن لأمراض القلب، أو للسكتة الدماغية، أو للجلطات، أو لسرطان الصدر.
وهذا القلق مقروناً مع الفلسفة العامة التي تعتنقها السيدة "هاراميناك" بشأن استخدام الأدوية (تجنب استخدام الأدوية كلما كان ذلك ممكنا) كانا كافيين لإقناعها بتجربة علاج نباتي مختلف. فماذا فعلت السيدة "هاراميناك"؟. لقد قامت بإضافة فول الصويا إلى قائمة طعامها، على أمل أن يؤدي محتواه العالي من مادة "فيتواستروجينز" Pytoestrogens وهي عبارة عن "استروجين" نباتي المنشأ، إلى توفير الراحة لها مما تعانيه. ولم تكتف بذلك حيث أضافت فول الصويا كعنصر رئيسي في مطبخها واستخدمت دسم فول الصويا في إعداد الطعام، كما استخدمته في إعداد بعض أنواع الحساء، وتناولت الأنواع الصغيرة منه على شكل مكسرات. ولم تكتف بذلك حيث لجأت أيضا إلى استخدام فول الصويا على شكل مكمل غذائي يحتوي على 55 جراماً من مادة "الإيزوفلافونز"، وهي شكل منقى من "الفيتواستروجين" الذي يوجد في فول الصويا. "منذ أن بدأت في تناول فول الصويا، انخفض عدد مرات نوبات الحمى التي كنت أعاني منها، كما أن أعراض انقطاع الطمث بشكل عام خفت كثيراً مقارنة بما كان عليه الوضع من قبل". هذا ما قالته السيدة "هاراميناك".
وفي الحقيقة أننا نسمع هذه الأيام قصصاً كثيرة مثل قصة السيدة "هاراميناك"، وهو ما يدفعنا للتذكير هنا بأن فعالية فول الصويا في التخفيف من أعراض انقطاع الطمث عند النساء، أو في تحسين الصحة بشكل عام، أمر لم يتم تأكيده بشكل علمي حتى الآن. ففي الوقت الذي يقوم فيه بعض الخبراء بالدعاية لفول الصويا باعتبار أنه يمثل نباتاً يقي من مرض السرطان، فإن هناك خبراء آخرين يذهبون إلى القول إن النساء في سن اليأس، واللاتي يستهلكن كميات كبيرة من فول الصويا على شكل مكملات من "الإيزوفلافون"، قد يقمن دون أن يدرين بزيادة خطر إصابتهن بسرطان الصدر، أو قد يعرضن أنفسهن لأنواع أخرى من المشاكل الصحية.
ويذكر أنه لم يتم حتى الآن إجراء تجارب علمية موثوق بها للتأكد من سلامة استهلاك كميات كبيرة من فول الصويا بواسطة البشر. أما الدراسات التي تمت بالفعل في هذا المجال، وهي غير موثوق بها للأسف، فقد توصلت إلى نتائج متضاربة، لم توفر لنا دليلا أكيداً، علاوة على أنها تسببت في خلافات عديدة بين الخبراء حول هذا الأمر. "يهتم الناس بهذا الموضوع اهتماما شديدا... لأنه لا توجد هناك مركبات غذائية أخرى يمكن أن تكون مفيدة في الحيلولة دون الإصابة بسرطان الصدر وغيره من الأمراض". هذا ما تقوله الدكتورة "لينا هيلاكيفي كلارك"، أستاذة طب الأورام بجامعة "جورج تاون". وتضيف الدكتورة "كلارك": "المشكلة هنا هي أن الكثير من العلماء والأطباء يهتمون بالنتائج التي تدعم وجهة نظرهم ويتجاهلون تلك التي تتعارض معها".
وقد برز السؤال المتعلق بالفوائد الصحية لفول الصويا، مع تزايد استهلاكه واستهلاك المنتجات المشتقة منه، وخصوصاً في أوساط النساء اللواتي يسعين إلى الحصول على علاج بديل للعلاج الهرموني. ونتيجة لهذا الاهتمام النسائي زاد استهلاك فول الصويا بشكل كبير للغاية في أواخر التسعينيات، وارتفع بنسبة 44 في المئة منذ عام 2001، حيث وصل الاستهلاك العالمي منه إلى 3.9 مليار دولار العام الماضي- وفقاً للإحصائيات التي تم إجراؤها في هذا الخصوص.
والشيء المثير للدهشة، هو انخفاض مبيعات المكملات الغذائية بنسبة 55 في المئة خلال نفس الفترة، وهو ما يعكس شعور النساء بالقلق حيال الأخطار الصحية المحتملة، التي يمكن أن تنتج عن استهلاك تلك المكملات من ناحية، ووفرة الأطعمة التي يدخل فول الصويا في تكوينها وزيادة انتشارها بشكل مستمر من ناحية أخرى.
وعلى رغم اختلاف النتائج التي تم التوصل إليها من خلال الأبحاث السوقية، فإن إدارة الأغذية والأدوية الأميركية، تعكف في الوقت الراهن على النظر في طلب قدمته إحدى الشركات التي تقوم بإنتاج أصناف من الأغذية التي يدخل في تركيبها فول الصويا، للحصول على إذن من الإدارة بإضافة عبارة على ملصقاتها تفيد بأن فول الصويا يقي من الإصابة ببعض أنواع بالسرطان.
وتشير دراسة جادة تم نشرها في مجلة الجمعية الطبية الأميركية أن مادة "إيزوفلافونز"، لم تؤد إلى تحسين مستويات "الكوليسترول"، ولم تؤد إلى تحسين القدرات المعرفية، أو كثافة المعادن العظمية في النساء اللاتي انقطع عندهن الطمث، وقمن بتن