أصبح سؤال "من هو الإرهابي؟" سؤال المرحلة الحالية والمراحل المقبلة، لا سيما وأن هناك اختلافات كثيرة في الإجابات الواردة على هذا السؤال، ولم تستطع الأمم المتحدة ومؤسسات المجتمع المدني في مختلف أرجاء العالم التوصل إلى مفهوم موحد وصريح حول هذا الاصطلاح الشائك. فعلى سبيل المثال هل المقاومة المسلحة للاحتلال الإسرائيلي في فلسطين إرهاب أم كفاح مشروع؟ في المفهوم العربي والإسلامي مقاومة مشروعة، أما في المفهوم الغربي الصهيوني فإن هذه المقاومة إرهاب يجب اجتثاثه.
إذاً فالصيغة العربية لتعريف الإرهاب تختلف كلياً عن الصيغة الغربية. وفي رأيي ما يمكن الاتفاق عليه في هذا السياق هو أن قتل المدنيين بهدف الحصول على مكاسب سياسية أو مقابل تنازلات من جانب الطرف الآخر من خلال الضغط والتفجيرات لمواقع ليست عسكرية فهذا إرهاب ما لم يكن الطرف المقابل هو السبّاق إلى القيام بذلك؛ فمثلا الصهاينة ارتكبوا عدة مجازر منذ احتلالهم فلسطين وقتلوا آلاف الفلسطينيين الأبرياء من أطفال ونساء وكان الهدف من تلك المجازر ترويع بقية السكان ودفعهم إلى ترك أراضيهم ومنازلهم. الإرهابيون هم منْ قتلوا المدنيين في "كفر قاسم" و يمارسون الآن قتلاً ممنهجاً في الضفة والقطاع كما حدث في مخيم جنين ورفح وخان يونس. إن الإرهابي هو من يقوم بقصف المدنيين بالطائرات والصواريخ بشكل عشوائي ويوقع منهم مئات القتل والجرحى. لهذا كانت نظرة الجانب العربي للإرهاب أكثر واقعية من الجانب الغربي.
إن تعريفاً مشتركاً ومتفقاً عليه حول الإرهاب سيجنب البشرية المزيد من المآسي. وإذا كان المجتمع الدولي قد وضع أسساً لعدة نظريات مثل اتفاقيات جنيف وغيرها، فإن العالم مطالب الآن بوضع إجابة دقيقة وواضحة على سؤال "من هو الإرهابي؟"
عبد الإله علي الجماعي - صنعاء