في الوقت الذي تنفق فيه الدولة مليارات الدراهم لدعم البنية التحتية للاقتصاد وتشجع القطاع الخاص على مواكبة الخطوات الواسعة التي تخطوها الدولة في مجال تنويع مصادر الدخل والدخول في عصر الصناعة والتكنولوجيا والتقنيات الحديثة ومنح تسهيلات ومميزات لهذا القطاع قلما توجد في أي بلد من بلدان العالم، نجد أن القطاع لا يزال دوره دون الطموح لجهة استقطاب العمالة الوطنية المدربة والمؤهلة والتي تكلفت الدولة حتى وصلت إلى المستويات التي هي عليها اليوم مليارات الدراهم. ويعتبر قطاع البنوك والقطاع المصرفي عموما من القطاعات المهمة التي يعول عليها لتوطين واستقطاب العمالة الوطنية خصوصا بعد صدور قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 01 /89 بشأن توطين إلزام البنوك العاملة في الدولة باستقطاب المواطنين للعمل في القطاع المصرفي وبما نسبته 4 % سنويا.
وكشفت الدراسة الدورية والمتابعة الشاملة التي يقوم بها قسم البحوث والدراسات في معهد الإمارات للدراسات المصرفية أن النصف الأول من العام الحالي شهد تراجعا واضحا في مؤشرات نسبة المواطنين العاملين في البنوك بمعدل 44و.%منخفضا من 62 % كما كان في نهاية العام الماضي إلى 65,52 % بنهاية النصف الأول من العام الجاري حيث كان من المفترض أن ترتفع النسبة العام الجاري إلى 82 % على أقل تقدير بقياس نسبة الزيادة 2% عما كانت عليه في العام الماضي. انخفاض هذه النسبة يعني أن البنوك استعانت خلال العام الحالي بعمالة وافدة في ظل وجود عدد كبير من المواطنين المؤهلين الباحثين عن عمل في القطاع المصرفي، ودلت آخر إحصائية لشهر أغسطس الماضي للعام الحالي ''هيئة تنمية'' أن عدد المواطنين الباحثين عن عمل بلغ 22 ألفا و005 مواطن منهم 51 ألفا من الإناث و0057 من الذكور!
الخطير في الأمر والذي كشفته لجان المتابعة المعنية أنه تم كشف تلاعب من بعض البنوك خصوصا الصغيرة في مسألة التوطين ولجأت إلى طرق لا تخلو من التحايل على قرار مجلس الوزراء الموقر الذي ألزم المصارف بتوطين نسبة 4% سنويا للوصول إلى توطين القطاع بشكل كامل خلال السنوات المقبلة، وقد وجدت هذه المصارف للتحايل على القرار الوزاري ضالتها في ''شركات التوظيف'' لجلب العمالة على كفالتها ومن ثم تتعاقد معها البنوك من الباطن لتشغيلها لديها دون أن تكون كفالة هذه العمالة على البنوك، وبالتالي تظهر هذه البنوك عند التفتيش على نسب العمالة الوطنية لديها أن لديها نسب توطين مرتفعة.
لا شك أن المصارف قطعت شوطا في مسألة التوطين وعليها أن تواصل الطريق لا سيما وأن النسبة المقررة ليست كبيرة وتعطي البنوك هامشا كبيرا للاستفادة من الكوادر الوطنية التي أهلتها الدولة وأنفقت عليها المليارات لكي تدخل سوق العمل والإنتاج.