توجهت أنظار دول العالم أجمع إلى العملية الإرهابية الكبيرة التي وقعت في بيسلان القوقازية في روسيا. هذه الجريمة البشعة كان وراءها مجاهدون عرب ومسلمون من عدة بلدان عربية وإسلامية ومنهم بالتأكيد بعض المجاهدين الشيشان. وقبل هذه الفاجعة الإنسانية أقدم الإرهابيون المسلمون والعرب على قتل أو ذبح 12 نيباليا من الناس البسطاء الذين يعملون في العراق، وغيرهم لا لشيء إلا لخلق حالة من الفوضى والفزع والبلبلة في العراق. وأقدم الإرهابيون على اختطاف صحفيين فرنسيين وهددوا بقتلهما إذا لم تقم فرنسا بإلغاء قانون فرنسي يمنع المظاهر الدينية في المدارس الحكومية العامة.
الإرهاب امتدت أنشطته لكل بلدان المعمورة ومنها الولايات المتحدة وأوروبا.. كذلك امتد الإرهاب إلى آسيا للأماكن السياحية في بالي بأندونيسيا.
ماذا يحدث في العالم العربي والإسلامي؟ هل الضياع وفقدان الهوية يجعلان بعض الجماعات التي تدعي الإسلام وتقتل باسم الدفاع عن الدين عمالاً مسلمين وغير مسلمين، ويقتلون الأطفال وهم في مدارسهم ويشردون الأقليات المسيحية وغير المسلمة في العراق؟ ما هي مبررات هذا العنف اللاأخلاقي واللاديني.. ماذا نستفيد كعرب ومسلمين من تغيير مواقف فرنسا وإيطاليا وروسيا وإسبانيا وغيرها من الدول الأوروبية، وهذه الدول مواقفها السياسية دائماً مع العرب وقضيتهم الرئيسية فلسطين، لماذا نتعمد إيذاء شعوبها؟ ماذا نستفيد نحن أبناء الخليج من تدفق شبابنا للعمل الجهادي في الشيشان أو العراق؟ هل قتل الأطفال في روسيا سيحرر الشيشان من روسيا؟ وهل قتل العمال النيباليين يرفع راية الإسلام والمسلمين؟ وهل خطف وتهديد الصحفيين الفرنسيين سيرغم فرنسا على تغيير قوانينها المدنية؟
ما هذه العقليات الساذجة والموغلة في التخلف والظلام التي تتصور بأنه ومن خلال الإرهاب يمكن تغيير اتجاه العالم لصالح قضايانا؟
يبقى السؤال: من المسؤول عن تردي أوضاعنا؟ من المسؤول عن انتشار الإرهاب في أوطاننا حتى بتنا نصدره لدول العالم أجمع؟ اللوم الأكبر يقع على الحكومات العربية التي دخلت في سباق مع جماعات الإسلام السياسي في أسلمة المجتمعات العربية والإسلامية.. هذه الحكومات تصورت بأن تشجيع جماعات الإسلام السياسي بالعمل في بلدانها يعني زيادة القيم والأخلاق في المجتمع. حركات الإسلام السياسي في الوطن العربي خصوصاً الإخوان المسلمين والحركة السلفية والحركات الجهادية لعبت دوراً رئيسياً في تسييس المجتمعات العربية خصوصاً الخليجية، والدليل على ذلك الفتوى الأخيرة التي أطلقها الشيخ القرضاوي مفتي محطة "الجزيرة" في قطر والذي يعتبر من مشايخ الدين المعتدلين في الوطن العربي.. هذا الشيخ الذي من المفترض أن يبرز الوجه الحضاري للإسلام ووسطيته وسماحته واعتداله.. أفتى بجواز قتل المواطنين الأميركيين حتى المدنيين في العراق، هذه الفتوى الغريبة تعطي مؤشراً واضحاً على انزلاق الأمة العربية والإسلامية في الهاوية والحضيض. هل يعقل أن يكون هذا هو موقف رجل دين؟ المرجع الأعلى علي السيستاني عاد من بريطانيا بعد علاجه وهو مريض ودعا إلى وقف الحرب الطاحنة في النجف وإرغام الجماعات المتطرفة على توقيع الاتفاق الذي يقضي بانسحاب المليشيات من النجف، كما أعلن رفضه ومعارضته للحرب ضد القوات الأميركية في العراق. متى يا ترى نرى مشايخ دين معتدلين في الخليج ينبذون الإرهاب بدلاً من تشجيعه؟