أنا شخصياً أتفق مع قرار معالي وزير التربية والتعليم الدكتور علي عبد العزيز الشرهان عدم قبول طلبات تعيين المدرسات الحوامل من غير المواطنات. وقد تختلفون معي في تأييدي للقرار لاعتبارات عدة منها إنسانية وأخرى اجتماعية، ولكن "إذا عرف السبب، بطل العجب". والسبب لا يعرفه إلا المسؤولون في وزارة التربية والتعليم، ذلك لأن "أهل مكة أدرى بشعابها"... وشعاب وزارة التربية متعرجة كخيوط بيت العنكبوت، وإحدى هذه الخيوط هي أوضاع مجموعة من المدرسات اللواتي لا ينقطعن عن الخلفة، بل يلدن وكأن الله خلق المرأة فقط لكي تلد طفلا كل تسعة شهور.
وبعضهن يلدن طفلين في نفس السنة! سمعت قصصاً عن تحايل المدرسات على وزارة التربية باللجوء إلى الحمل في أوقات حرجة. يعقدن الاجتماعات السرية ويحسبن أوقات الإخصاب بدقة متناهية.
فالمدرسة منهن تخطط وتضرب أخماساً في أسداس وتراجع التواريخ وشهور السنة شهراً شهراً، وأسبوعاً أسبوعاً ويوماً يوماً، وتعلن حالة الطوارئ القصوى واضعة خططاً جهنمية وكأنها تخطط لغزو الفضاء أو للقيام بانقلاب عسكري. كل ذلك لكي تضع التوقيت المناسب لبدء الحمل، وتحديد تاريخ الولادة وبدء إجازة الوضع وربطها بالإجازة الصيفية!
فإذا حملت في يناير على سبيل المثال، فإنها ستلد في شهر سبتمبر، أما إذا تأخر الوضع وولدت في أواخر هذا الشهر أو في بداية شهر أكتوبر، فإن ذلك يعني أنها عمليا تكون قد قامت بالتدريس لمدة لا تزيد عن أسبوع أو أسبوعين على أكثر تقدير، لأن الشهر الأخير من الحمل، والأسابيع التي تسبق الولادة، تكثر فيها مراجعة طبيب الولادة، وبالتالي فإن نسبة الخروج من العمل والاستئذان والحصول على الإجازات المرضية تتضاعف إلى درجة أننا نستطيع القول إن المدرسة تداوم في عيادة الولادة وأمراض النساء، وتراجع الدوام الحكومي للاطمئنان على جلسات النميمة بين الصديقات. وهذا يعني ضياع شهر سبتمبر، ثم شهر الولادة وهو أكتوبر، ثم نصف شهر نوفمبر، وهي مدة إجازة الوضع البالغة 45 يوماً لغير المواطنات! أحدث إحصائية وقعت بين يدي تقول إن أعداد المدرسات اللواتي سيغبن خلال شهري سبتمبر الحالي وأكتوبر القادم بسبب الولادة وإجازة الوضع يبلغ 650 مدرسة، منهن 77 مدرسة في منطقة أبوظبي التعليمية و80 مدرسة في دبي و130 مدرسة في العين و26 مدرسة في الغربية و63 مدرسة في الشارقة و78 مدرسة في خورفكان وكلباء، و29 في عجمان و25 في أم القيوين و70 في رأس الخيمة و72 في الفجيرة!.. وقد اضطرت الوزارة إلى توفير 650 مدرسة بديلة لهؤلاء لكي يسير العام الدراسي دون عراقيل.
سمعت من بعض الإخوة المسؤولين في وزارة التربية أن ثلث مدارس الدولة تصاب بحالة شلل شبه كامل سنويا بسبب حمل المدرسات. والغريب أن ثلاثة أرباعهن لسن بحاجة للمزيد من الأطفال، فبعضهن أمهات لعدد يكاد يقترب من "درزن" كامل من الأولاد والبنات "ما شاء الله"، ولكن يبدو أن شهية الحصول على إجازة الهروب من التدريس كفيلة بإزالة كل آلام الولادة حتى لو كانت قيصرية و"شق بطن"!.