النازية سقطت وهي في جذوة جبروتها وأوج سيطرتها وتوسعها، والعقيدة النازية استنفرت كل طاقاتها لتثبيت سيطرتها على العالم بالسلاح وبالإعلام وبالمال ولكنها لم تستطع إلا أن تكون عنصرية ولذا سقطت. والنظام العنصري في جنوب أفريقيا سقط ليس من ضعفه بل من عنصريته. وإذا كانت العنصرية نزعة للتمييز بين بني البشر وفق معايير بيولوجية وخصال وراثية وتعصب عرقي، فإن العنصرية تتجه دائماً نحو الزوال. ألم يكن هذا قائماً في جنوب أفريقيا؟ وهل باستطاعة الإسرائيليين أن ينفوا وجود هذا التمييز القائم بينهم وبين العرب في أرض فلسطين؟ وما الجدار العازل سوى مثال على ما نقول. إن نظام "الأبارتايد" جعل "مانديلا" يخرج نموذجاً للإنسان المقاوم للعنصرية. لقد قام "مارتن لوثر كنغ" في الولايات المتحدة الأميركية وصرخ بأعلى صوته قائلاً:"لدي حلم" يتمثل في أن تسود المساواة والعدالة المجتمع الأميركي الذي يضم بين ظهرانيه كل قوميات العالم. ألا يتسع المجتمع اليهودي والدين اليهودي إلى مارد يصرخ كفى، بدلاً أن ينصب القتلة وأركان الحروب في زمام قيادته. يكفي أن يرى الإنسان ما يجري على الأرض من فصل بين المناطق الفلسطينية والإسرائيلية وقطع أوصال القرى في هذه المناطق وتدمير بيوتها وإقامة السجون الأشبه "بالأوشفيتز" أيام النازية أو يرى معاناة دروز الجولان المحتل في فصل القرية الواحدة والعائلة الواحدة عن بعضها بعضاً والصمت المطبق حول هذا كي يدرك العنصرية الواضحة التي يمارسها الاسرائيليون ضد العرب.
شوقي أبو عياش- لبناني مقيم في غينيـا