أثارت موافقة مجلس الوزراء اللبناني في الأسبوع الماضي على تمديد فترة رئاسة رئيس الجمهورية اللبنانية أميل لحود لثلاث سنوات إضافية، زوبعة من الاحتجاجات وعدم الرضا في لبنان داخليا،ً وفي الوطن العربي والعالم أجمع. الرأي المؤيد للتمديد الذي تتزعمه سوريا ورئيس الجمهورية اللبنانية وبعض الوزراء والكثير من نواب مجلس النواب اللبناني، يرى أن لبنان يتعرض لمخاطر جديدة تتطلب استمرار بقاء الرئيس لحود في الحكم بعد انتهاء ولايته في شهر نوفمبر القادم. هؤلاء يرون أن لحود رسخ أكثر من غيره الهيمنة السورية على لبنان واستطاع شل حركة المسيحيين المعارضين للتواجد السوري وقلّص صلاحية كل من يحاول تقليص النفوذ السوري أو الحدّ منه.
والرأي المعارض للتمديد والتجديد يرى أن هذه الخطوة خرق واضح للدستور اللبناني، لأنها تتطلب تغيير الدستور كما أن التمديد يعني استمرار خضوع واحتلال لبنان من قبل سوريا. فقد أصبح الرؤساء الثلاثة ونواب مجلس الشعب أزلام للإرادة السورية. فإذا كان أهل لبنان والعرب غير متفقين حول التواجد السوري في لبنان وتجديد مدة الرئاسة للرئيس لحود، فإن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي متفقة على ضرورة انسحاب سوريا من لبنان. ولقد تقدمت فرنسا بمشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي يطالب سوريا بسحب قواتها من دون تأخير واحترام سيادة لبنان. ودعا مجلس الأمن سوريا إلى احترام سيادة لبنان وسلامة أراضيه ووحدته واستقلاله تحت سلطة الحكومة اللبنانية، كما طالب القرار سوريا بسحب كل قواتها من لبنان وحل أسلحة كل المليشيات المسلحة في لبنان، كما يدعو القرار إلى إجراء عملية انتخابية رئاسية حرة وعادلة وفقاً للقواعد الدستورية اللبنانية ومن دون أي تأخير أو تأثير خارجي، كما يدعو القرار الجميع لاحترام قرارات مجلس الأمن الدولي.
الغريب أن أعضاء مجلس النواب اللبناني دعوا إلى الاجتماع وإصدار قرار التجديد للرئيس لحود قبل أن يجتمع مجلس الأمن الدولي ويطالب سوريا بالانسحاب من لبنان. دعوة النواب اللبنانيين الغرض منها إضفاء الشرعية على احتلال سوريا للبنان.
يبقى التساؤل: أين مصلحة لبنان والعرب في هذه القضية الشائكة؟ كنا نتمنى أن تترك الشقيقة سوريا الخيار لأهل لبنان لاختيار رئيسهم وفق الدستور اللبناني. فالرئيس اللبناني القادم مهما كانت شخصيته سيحاول حتماً كسب رضا وتأييد سوريا له للاستمرار في الحكم. لذلك لا نفهم لماذا تحاول سوريا تعريض نفسها للمساءلات الدولية التي قد تؤدي إلى مقاطعة سوريا أو حصارها. ربما تحاول سوريا استغلال ورقة لبنان لفرض شروط جديدة على المجتمع الدولي الذي يطالبها بوقف التدخل في العراق. لماذا نؤيد الانسحاب السوري من لبنان؟ إننا ندعم موقف جميع اللبنانيين الذين يؤمنون بأن من مصلحتهم إقامة علاقات أخوية مع سوريا، لكنهم يفضلون أن تكون الرئاسة ومجلس النواب مستقلين عن الهيمنة السورية. ما يجعلنا نصر على استقلال لبنان هو خوفنا على الديمقراطية اللبنانية، وعلى مجلس النواب اللبناني الذي كان يوماً من الأيام حراً يمثل فعلاً الإرادة اللبنانية.
كان لبنان قبل احتلاله عام 1976، واحة الحرية والديمقراطية وملجأ حراً لكل اللاجئين والمطاردين العرب الذين يحلمون بها. نتمنى أن يعود لبنان الحرية إلى أهله حتى تعود نسمات الحرية إليه.