تحت عنوان "شارون يفوز مسبقاً بالانتخابات الأميركية" نشرت "وجهات نظر" يوم الثلاثاء 31-8-2004 مقالاً لباسكال بونيفاس استنتج خلاله أن رئيس الوزراء الإسرائيلي هو الفائز الأكبر في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة. وضمن تعقيبي على هذا المقال أرى أن الكاتب لفت الانتباه إلى الموقف الأميركي تجاه إسرائيل الذي عادة ما يخضع لنفوذ وتأثير اللوبي الصهيوني المتنفذ داخل مؤسسات صنع القرار الأميركية. أميركا اليوم خرجت عن سياساتها المعهودة تجاه بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمتمثلة في رفض التوسع الاستيطاني واعتباره عائقاً لمسيرة السلام، حيث وافقت الإدارة الأميركية على قرار حكومة شارون بالتوسع في بناء هذه المستوطنات شريطة أن يكون التوسع ناجماً عن الزيادة الطبيعية في عدد سكان المستوطنات. وبدا واضحاً أن الموقف الأميركي ينبع بالأساس من رغبة إدارة "بوش" في استمالة اللوبي الصهيوني وإقناعه بأن هذه الإدارة بذلت ما في وسعها لتلبية رغبات حكومة شارون. لكن يخطىء من يتوقع أن ثمة تغييراً في مواقف واشنطن تجاه تل أبيب سواء نجح مرشح "الديمقراطيين" في انتخابات الرئاسة الأميركية "جون كيري" أو تمت إعادة انتخاب الرئيس "بوش" لفترة رئاسية جديدة، ذلك أن إسرائيل أصبحت حجر الزاوية في سياسات أميركا الشرق الأوسطية، وهذه الأيام ربما تلعب الدولة العبرية دور وكيل الولايات المتحدة في ممارسة ضغوط على إيران كي تتخلى عن مساعيها لامتلاك قدرات نووية، ناهيك عن أن الولايات المتحدة تؤكد دوماً على أنها تضمن أمن إسرائيل، وهو ما نراه في تغاضي واشنطن عن ترسانة تل أبيب النووية وتزويد الدولة العبرية بأحدث التقنيات العسكرية إلى درجة أن إسرائيل أصبحت دولة مصدرة لهذه التقنيات.
وإذا كان الكاتب قد لخص أسباب إقدام شارون على سياسة استيطانية جديدة في رغبته استرضاء اليمين المتطرف داخل "الليكود" خاصة وأن هذا الجناح يعارض الانسحاب من غزة، فإن بناء المستوطنات سيتواصل حتى بعد خروج شارون من سدة الحكم، لأنه من الصعب أن نربط سياسات إسرائيل بأشخاص أو حكومات بعينها، لأن ثمة استراتيجية واحدة يتبناها اليهود في الدولة العبرية ألا وهي قلب الحقائق واستهلاك الوقت لابتلاع حقوق الفلسطينيين. وبالنسبة لأميركا، فإنه طالما ظل اللوبي الصهيوني مسيطراً على قواعد اللعبة الاقتصادية والسياسية والإعلامية في أميركا، فإنه من الصعب أن نشهد، خلال المستقبل المنظور، تغييراً في سياسات واشنطن تجاه الدولة العبرية.
أسامة محمد - أبوظبي