كيري رئيساً... ودحلان مفاوضاً... والمواطن العراقي مُبتلىً


من مجلات وصحف باريس الصادرة هذا الأسبوع نقف في هذه الإضاءة الموجزة أمام بعض العناوين والافتتاحيات، حول شخصية جون كيري، وقلاقل غزة، والوضع في العراق.


إخفاق جوانتانامو


 هذا هو عنوان افتتاحية في صحيفة لوفيغارو كتبها بيير روسلين بمناسبة عودة 4 فرنسيين من سجن جوانتانامو، وبقاء ثلاثة هناك على رغم مساعي الحكومة الفرنسية. ويرى الكاتب أن الأربعة عادوا بعد سنتين إلى عالم الشرعية والقانون، بعد فترة احتجاز عصيبة في ذلك المعسكر الذي أراد الرئيس بوش جعله استثناءً من كل قيم الشرعية. لقد كانت مبررات "الحرب على الإرهاب" هي ما تسوغ به واشنطن الوضع غير الشرعي لذلك المُعتقل الرهيب، ولكن النتائج جاءت إخفاقاً بكل المقاييس. فالستمائة معتقل ليس ضمنهم قادة تنظيم "القاعدة"، كما أن ما استقي منهم من معلومات لم يسمح بتفادي أي هجوم إرهابي. وينصح روسلين بوش بالانصياع لما قررته المحكمة الأميركية العليا والعودة إلى الشرعية، لأن المدخل الحقيقي للقضاء على الإرهاب هو تغليب صوت القانون والشرعية والاحتكام إلى قيم الديمقراطية والعدالة، وليس هنالك حل آخر.


أرستوقراطي من اليسار


تحت هذا العنوان نشرت لوموند عرضاً مطولا للخلفية الأسرية والسياسية للسيناتور جون كيري. ويذهب كاتب العرض باتريك جارو إلى أن "مشكلة كيري ليست في أنه غير معروف بما فيه الكفاية، بل على العكس تكمن في أن كل شيء عنه معروف أكثر من اللازم". إنه أحد هؤلاء الأثرياء المحسوبين على النخبة اليسارية والذين يزعمون أنهم يمثلون الشعب. ولكن رجل الشعب هذا الذي يحلو له ركوب موجة اليسار والشعبوية، ينبغي أن يعلم الجميع أن زوجته الأولى تنتمي إلى إحدى أغنى عائلات فيلادلفيا وتملك أكثر من 300 مليون دولار. أما زوجته الثانية، بعد طلاق الأولى، فهي وريثة ثروة طائلة جُمعت من الخِيار و"الكاتشب". والحقيقة أن كيري يحمل كل المواصفات التي تجعله ممقوتاً في أوساط رسامي الكاريكاتور اليمينيين المحافظين. فالرجل يجمع في ذاته وأصوله كل ما يكرهه اليمين إلى الحدود القصوى. فهو ينتمي إلى الطبقة العليا في "أنجلترا- الجديدة" (ماساشوستس)، وعاش في أوروبا، ومثقف، ويساري الطرح، وخاصة أنه كاثوليكي حتى ولو كان غير متعصب مذهبياً. وفي الواقع –يقول جارو- أن حملة المحافظين المضادة لكيري لديها الكثير مما تستطيع قوله، إذ يصعب تصور رجل سياسة في عصرنا الحالي أكثر تعقيداً منه، وخاصة أن بذور بعض هذا التعقيد موجودة في شجرة عائلته. فوالده دبلوماسي من الصف الثاني، أيرلندي الأصول، كاثوليكي المذهب، ودرس في يال وهارفارد معاً. وأجداده كما كشفت بوسطن غلوب يهود من أوروبا الوسطى تحولوا إلى الكاثوليكية سنة 1902 ثم هاجروا إلى أميركا سنة 1905.


أميركا كيري


 جان دانييل رئيس تحرير مجلة لونوفل أوبسرفاتور في افتتاحية عدد هذا الأسبوع ينصح بدوره بمشاهدة فيلم "زواج في بوسطن" لجوزيف مانكيفيتش، والذي أدى دور البطولة فيه الممثل رونالد كولمان، لتكوين فهم أفضل لشخصية المرشح جون كيري. فهذا الرجل لا تحيط به هالة من الأنوار، وليس ثورياً وصاحب رؤية ككلينتون. لكن يكفيه، حتى لو كان مرشحاً عادياً أن فوزه سيسمح بتخليص أميركا، والعالم، وفرنسا، من جورج بوش، وهذا إنجاز في حد ذاته. وفي صحيفة لوموند جاءت افتتاحية أمس السبت بعنوان "أميركا كيري". وتتوقف الافتتاحية بوجه خاص أمام رؤية كيري للسياسة الخارجية، وترجح أن يتبنى في حال فوزه سياسة أكثر توازناً وأقل أحادية من تلك التي تتبعها الإدارة الحالية، والتي وصلت إلى أوجها في غمرة الإعداد لحرب العراق.


 عرفات والحرس الجديد


دومينيك لاغارد كتب عموداً تحت هذا العنوان في مجلة الأكسبريس جاء فيه أن المشهد مختلف الآن تماماً بالنسبة إلى عرفات عنه قبل عشر سنوات. ففي يوليو 1994 دخل عرفات الأراضي الفلسطينية دخول الأبطال وسط احتفالات جماهيرية واسعة، أما في يوليو 2004 فإنه يجد نفسه محاصراً في رام الله، ويجد سلطته تتضاءل حتى ضمن فصيله السياسي "فتح". ومكمن المشكلة بالنسبة إلى الرئيس عرفات هو ظهور جيل جديد من الناشطين الذين اكتسبوا شرعية خاصة من الانتفاضة. والخطير في الموقف أن ناشطي "الحرس الجديد" في "فتح" يبدون رغبة في المضي بعيداً إلى حد إحراق مقار الاستخبارات واختطاف المسؤولين الفلسطينيين، ثم اختطاف الأجانب أيضاً. ويرى لاغارد أن المستفيد الأكبر من أحداث غزة الأخيرة، وإن لم يظهر في الصورة مباشرة هو محمد دحلان، وليس أحمد قريع "أبو علاء" كما قد يعتقد كثيرون. فدحلان المسؤول الأمني الشاب (42 سنة) لم يخفِ منذ إقصائه طموحاته أبداً. ويتوقع الكاتب أن يسعى دحلان الآن إلى استغلا