أصدر صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة مرسوماً بقانون بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية، والقانون يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت كل من أمد الجمعيات والجماعات أو العصابات بأية أموال أو أسلحة تقليدية أو غير تقليدية أو غيرها من المواد التي تعرض حياة الناس أو أموالهم للخطر.
ويعاقب القانون كل من يتلقى تدريبات عسكرية أو أمنية لدى أي من الهيئات أو المنظمات الإرهابية و إن كان من أفراد القوات المسلحة أو الشرطة أو الأمن أو من أفراد الجمارك. ويعاقب بالسجن المؤبد والمؤقت كل من درب شخصاً إرهابياً أو أكثر على استعمال الأسلحة التقليدية أو غير التقليدية أو وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية.
تأتي خطوة رئيس دولة الإمارات في الوقت المناسب بعد أن تنامت ظاهرة العنف والإرهاب في منطقتنا العربية بشكل عام ومنطقة الخليج بشكل خاص. فتصاعد العنف والإرهاب الديني في منطقتنا ظاهرة جديدة أخذت أبعاداً دولية وبدأت تهدد أمن واستقرار دول المنطقة وراح ضحيتها أناس أبرياء في كل من العراق والسعودية، وتم اكتشاف خلايا إرهابية تجند الشباب في الكويت وخلايا أخرى في البحرين، مما يشير إلى وجود مخطط إرهابي تقوده "القاعدة" لخلق حالة فوضى وعدم استقرار في المنطقة بإثارة النعرة الطائفية والمذهبية والدينية في المنطقة.
ما تهدف إليه التنظيمات الإرهابية ليس كما تدعي هو طرد الأجانب من منطقة الخليج والوطن العربي. هم يسعون لخلق حالة من الخوف والرعب في منطقتنا لإبعاد اتصالنا الحضاري والإنساني والاقتصادي والتجاري مع الدول الغربية. ما يسعون إليه ببساطة هو عزلنا عن محيطنا الدولي حيث تكمن مصالحنا ومرتكز عيشنا واستقرارنا.
ما تسعى إليه الجماعات الإرهابية هو تقويض الأنظمة الحالية وإقامة أنظمة استبدادية- قهرية أصولية على نمط "طالبان" في أفغانستان.
وقانون مكافحة الإرهاب في دولة الإمارات جاء ليس فقط ليسد الطريق أمام الجماعات الإرهابية في استعمال الأراضي الإماراتية والانفتاح الاقتصادي فيها لنشر أفكارهم الهدامة بتجنيد بعض الشباب المغرر بهم مثل ما فعلوا في الكويت، حيث تم اكتشاف خلايا جديدة معظم عناصرها من المراهقين الشباب الذين جندتهم الجماعات الأصولية- الإرهابية لبعثهم للجهاد في العراق.
القانون الجديد كان شاملاً بحيث يمنع انخراط الشباب الإماراتي في أية منظمات أصولية ذات طابع عسكري في أية دولة. كما شدد القانون العقوبة على رجال الأمن والجيش والشرطة بأن قيامهم بتدريب الشباب للأعمال الإرهابية سوف يعرضهم للخطر. وتأتي هذه الخطوة بعد اكتشاف قيام بعض رجال الأمن الخليجيين في الكويت والسعودية بتدريب الشباب لبعض العمليات الإرهابية ضد الأجانب.
القانون كذلك شمل المؤسسات المالية الإماراتية وحذرها من التعامل مع أية منظمة إرهابية قد تستعمل البنوك الإماراتية لتمويل الإرهاب في بقاع الأرض الواسعة. وتأتي هذه الخطوة بعد أن شكت الولايات المتحدة بأن بعض المنظمات الأصولية الإسلامية تستعمل البنوك الإماراتية وانفتاح دولة الإمارات اقتصادياً لأغراض ليست شريفة بنقل أموالهم من بلد إلى بلد آخر حسب احتياجاتهم.
هل القانون الجديد في دولة الإمارات سيكون كافياً لردع الإرهابيين من استغلال هذه الدولة الآمنة والمستقرة سياسياً؟ لا أحد يعرف النتائج، لكن حتماً سيكون القانون سلاحاً مهماً يسد ثغرة مهمة ويفتح عيون المسؤولين في الإمارات على ضرورة متابعة أنشطة هذه الحركات والتنظيمات الإرهابية.